للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلى وكان المسجد ضيقا لبادر - صلى الله عليه وسلم - إلى توسيعه كما فعل بعض الخلفاء من بعده فهو - صلى الله عليه وسلم - أولى بتوسيعه منهم لو كان لا يتسع لها فتركه - صلى الله عليه وسلم - التوسيع لا يمكن تصوره مع التسليم بالأفضلية المذكورة اللهم إلا أن يدعي أحد أنه كان ثمة مانع وما أظن عالما يجرأ على هذه الدعوى ولئن فعل ذلك أحد فإنا نبادره بقول الله تبارك وتعالى {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

ومن العجيب أن الشافعية جعلوا استمرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أداء صلاة الجمعة في المسجد الواحد دليلا على عدم جواز تعدد الجمعة في بلد واحد ولم يجعلوا مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على أدائه لصلاة العيدين في المصلى دليلا على أفضلية أدائها في المصلى دون المسجد ودليل المسألتين واحد كما ترى؟ وهذا كله يؤيد الوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما الإمام النووي رحمه الله في مذهب السادة الشافعية.

على أن الخلاف بينهما شكلي وغير عملي في مثل مدينة دمشق ونحوها من المدن الكبيرة إذ أن الوجه الثاني صرح بأن أفضلية الصلاة في المسجد مشروطة بأن يتسع لجميع المصلين ومثل هذا المسجد لا وجود له فيتفق الوجهان حينئذ كما هو مذهب جماهير العلماء على أن الأفضل الصلاة في المصلى وقد نص الإمام الشافعي - رحمه الله - على كراهة الصلاة في المسجد في حال ضيقه كما يأتي.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الفتح» «٢/ ٤٥٠ - السلفية» تحت الحديث الأول: واستدل على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك مع فضل مسجده.

وقال الشافعي في «الأم»: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة وكذا من بعده إلا من عذر مطر أو نحوه وكذلك عامة أهل البلدان إلا أهل مكة.

ثم أشار إلى أن سبب ذلك سعة المسجد وضيق أطراف مكة. قال: فلو عمر بلد فكان مسجد أهله يسعه في الأعياد لم أر أن يخرجوا منه فإن كان لا يسعهم كرهت

<<  <  ج: ص:  >  >>