للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة فيه ولا إعادة (١). ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضيق والسعة لا لذات الخروج إلى الصحراء لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع فإذا حصل في المسجد مع أفضليته كان أولى. وقد تعقبه الإمام الشوكاني بقوله «٣/ ٢٤٨»:

وفيه أن كون العلة الضيق والسعة مجرد تخمين لا ينهض للاعتذار عن التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى الجبانة بعد الاعتراف بمواظبته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك.

وأما الاستدلال على أن ذلك هو العلة بفعل الصلاة في مسجد مكة فيجاب عنه باحتمال أن يكون ترك الخروج إلى الجبانة لضيق أطراف مكة لا للسعة في مسجدها.

قلت: وهذا الاحتمال الذي ذكره الإمام الشوكاني أشار إليه الإمام الشافعي نفسه كما قال الحافظ فيما نقلته عنه آنفا ونص كلام الإمام الشافعي في «الأم» «١/ ٢٠٧»: وإنما قلت هذا: لأنه قد كان وليس لهم هذه السعة في أطراف البيوت بمكة سعة كبيرة. فهذا يؤيد ما ذهب إليه الشوكاني - رحمه الله - أن تعليل تركه - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في المسجد بضيقه مجرد تخمين فهو بالرفض قمين. وقد يحتج لتلك العلة بما رواه البيهقي في «السنن الكبرى» «٣/ ٣١٠» من طريق محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: مطرنا في أمارة أبان بن عثمان على المدينة مطرا شديدا ليلة الفطر فجمع الناس في المسجد فلم يخرج إلى المصلى الذي يصلى فيه الفطر والأضحى.

ثم قال لعبد الله بن عامر بن ربيعة. قم فأخبر الناس ما أخبرتني فقال عبد الله بن عامر: إن الناس مطروا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فامتنع الناس من المصلى فجمع عمر الناس في المسجد فصلى بهم. ثم قام على المنبر فقال: يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج بالناس إلى المصلى يصلي بهم لأنه أرفق بهم وأوسع عليهم وأن المسجد كان لا يسعهم قال: فإذا كان هذا المطر فالمسجد أرفق.

والجواب: إن هذه الرواية ضعيفة جدا لأن محمد بن عبد العزيز هذا وهو محمد


(١) الأم "١/ ٢٠٧" ويأتي نص كلامه "ص ٣٣". [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>