للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن زياد عن مالك قال: «السنة الخروج إلى الجبانة إلا لأهل مكة ففي المسجد». وفي الفتاوى الهندية «ج ١ ص ١١٨»: الخروج إلى الجبانة في صلاة العيد سنة وإن كان يسعهم المسجد الجامع على هذا المشايخ وهو الصحيح. وفي «المدونة» المروية عن مالك «ج ١ ص ١٧١». قال مالك: «لا يصلي في العيدين في موضعين ولا يصلون في مسجدهم ولكن يخرجون كما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم -. ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى المصلى ثم استن بذلك أهل الأمصار».

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني «ج ٢ ص ٢٢٩ - ٢٣٠»: السنة أن يصلي العيد في المصلى أمر بذلك علي رضي الله عنه واستحسنه الأوزاعي وأصحاب الرأي وهو قول ابن المنذر وحكي عن الشافعي: إن كان مسجد البلد واسعا فالصلاة فيه أولى لأنه خير البقاع وأطهرها ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام. ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده وكذلك الخلفاء بعده ولا يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بعده ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ولأننا أمرنا باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص والمنهي عنه هو الكامل ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر ولأن هذا إجماع المسلمين فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى مع سعة المسجد وضيقه وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في المصلى مع شرف مسجده.

وأقول: أن قول ابن قدامة «ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر يشير به إلى حديث أبي هريرة في المستدرك للحاكم «ج ١ ص ٢٩٥»: «أنهم أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد» وصححه هو والذهبي (١).


(١) قلت: وفي هذا التصحيح نظر بين فإن مداره عند الحاكم على عيسى بن عبد الأعلى ابن أبى فروة أنه سمع أبا يحيى عبيد الله التيمي يحدث عن أبي هريرة به. وكذلك رواه أبو داود "١/ ١٨٠" وابن ماجه "١/ ٣٩٤" والبيهقي "٣/ ٢١٠". فهذا إسناد ضعيف مجهول. عيسى هذا مجهول كما قال الحافظ في " لتقريب " ومثله شيخه أبو يحيى وهو عبيد الله ابن عبد الله بن موهب فهو مجهول الحال وقال الذهبي في " مختصر سنن البيهقي " "١/ ١٦٠/. قلت: "عبيد الله ضعيف" وقال في ترجمة الراوي عنه من "الميزان": "لا يكاد يعرف وهذا حديث منكر".
قلت: فموافقته الحاكم على تصحيح الحديث في " تلخيص المستدرك " من أخطائه الكثيرة فيه التي نرجوا أن تغتفر ولهذا جزم الحافظ في " تلخيص الحبير " "ص ١٤٤" وفي "بلوغ المرام" "٢/ ٩٩" أن "إسناده ضعيف". فقول النووي في "المجموع" "٥/ ٥": "إسناده جيد" غير جيد وكأنه اعتمد على سكوت أبي داود عليه وهذا ليس بشيء فان أبا داود كثيرا ما يسكت على ما هو بين الضعف كما هو مذكور في "المصطلح" وبينته في كتابي "صحيح سنن أبي داود". [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>