للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم خلفاءه من بعده والأمراء النائبون عنهم في البلاد يصلون بالناس العيد ثم يخطبونهم بما يعظونهم به ويعلمونهم مما ينفعهم في دينهم ودنياهم ويأمرهم بالصدقة في ذلك الجمع فيعطف الغني على الفقير ويفرح الفقير بما يؤتيه الله من فضله في هذا الحفل المبارك الذي تتنزل عليه الرحمة والرضوان. فعسى أن يستجيب المسلمون لاتباع سنة نبيهم ولإحياء شعائر دينهم الذي هو معقد عزمهم وفلاحهم. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}.

وقال الشيخ ولي الله الدهلوي في «حجة الله البالغة» تحت عنوان: «العيدان» «٢/ ٣٠ - ٣١»: الأصل فيهما أن كل قوم لهم يوم يجتمعون فيه ويخرجون من بلادهم بزينتهم وتلك عادة لا ينفك عنها أحد من طوائف العرب والعجم. وقد صلى - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر» (١).

قيل: هما «النيروز» و «المهرجان». وإنما بدلا لأنه ما من عيد في الناس إلا وسبب وجوده تنويه بشعائر دين أو موافقة أئمة مذهب أو شيء مما يضاهي ذلك فخشي النبي - صلى الله عليه وسلم - إن تركهم وعادتهم أن يكون هناك تنويه بشعائر الجاهلية أو ترويج لسنة أسلافها فأبدلهما بيومين فيهما تنويه بشعائر الملة الحنيفية وضم مع التجمل فيهما ذكر الله وأبوابا من الطاعة ولئلا يكون اجتماع المسلمين بمحض اللعب ولئلا يخلو اجتماع منهم من إعلاء كلمة الله.

أحدهما: يوم فطر صيامهم وأداء نوع من زكاتهم. فاجتمع الفرح «الطبيعي» من قبل تفرقهم عما يشق عليهم وأخذ الفقير الصدقات. و «العقلي» من قبل الابتهاج بما انعم الله عليهم من توفيق أداء ما افترض عليهم وأسبل عليهم من إبقاء رؤوس الأهل والولد إلى سنة أخرى.


(١) قلت رواه أحمد وغيره بسند صحيح وهو مخرج في " الصحيحة " برقم "٢٠٢١". [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>