للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس رضي الله تعالى عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في السفر بين الظهر والعصر، أخر الظهر إلى أول وقت العصر» هذا هو الجمع الحقيقي، أي: أنه أخر صلاة الظهر حتى دخل أول وقت العصر فصلى الظهر ثم صلى العصر، هذا الجمع الحقيقي، ثم قال أنس رضي الله عنه: «ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء جمعاً أخر المغرب إلى أول صلاة العشاء فجمع بينهما - جمعاً حقيقياً - لوقت الأخرى منهما» هذا حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه كما ذكرنا.

أما الجمع الثالث الذي يسمى بالجمع الصوري وهو نستطيع أن نقول: إنه صوري لا حقيقة له ولا وجود له إلا في أذهان بعض المتأولين لبعض الأحاديث وأبعد الناس عن هذه الأحاديث هم الحنفية الذين ينكرون شرعية الجمع الحقيقي في السفر اللهم إلا في عرفة وفي مزدلفة فقط ويتأولون كل الأحاديث التي جاءت بالجمع تأويل الجمع الصوري، ويعنون بذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جمع في السفر أخر الصلاة الأولى كالظهر مثلاً مع العصر إلى قبيل وقت العصر وإلى آخر وقت الظهر، فما يكاد يصلي الظهر إلا ويكون دخل وقت العصر، وهكذا المغرب مع العشاء.

هذا الجمع الصوري لا نجد له حقيقةً صريحة في كل الأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الصلوات، وكما قلت آنفاً: إنما هما قسمان:

أحاديث تقول جمع رسول الله وليس بيان صورة هذا الجمع.

والأحاديث الأخرى تبين حقيقة هذا الجمع بعضها جمع تأخير كما سبق ذكره في حديث أنس، وبعضها جمع تقديم كما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام مالك في موطئه وأبو داود في سننه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل في غزوة تبوك فلما حضرت صلاة الظهر أمر بالأذان فأذن ثم خرج فصلى الظهر ثم صلى العصر مع الظهر فهذا جمع تقديم، قدم صلاة العصر إلى وقت صلاة الظهر وجمع بينهما في وقت صلاة الظهر، هذا جمع حقيقي وجمع تقديم، ثم كذلك فعل عليه الصلاة والسلام في صلاة المغرب وصلاة العشاء جمعهما أيضاً وهو نازل في رجوعه من تبوك، هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>