ينظر في حال الإسناد هذا أحد الرواة وهو صدوق يهم كما في التقريب، هل يكتب أن الحديث ثابت عن جابر وجزاك الله خيراً؟
الشيخ: هذا الحديث من رواية جابر خاصة لا يحضرني الآن حال إسناده ولكن يغنينا عنه ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ويمكن أن يعتبر هذا شاهداً مقوى لحديث جابر حتى لو فرضنا أن إسناده ضعيف.
حديث مسلم يرويه بإسناده الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:«جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بغير سفر ولا مطر» وفي رواية: «بغير سفر ولا خوف» قالوا: يا أبا العباس، ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته، الحديث صريح الدلالة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في المدينة وهو مقيم وأكد ذلك بأنه بغير سفر، وزاد بغير مطر أيضاً، وفي الراوية الأخرى: الخوف، والجمع في المطر سنة معروفة ولذلك نفى أن يكون الجمع لسبب المطر الذي هو أيضاً معروف كالسفر، فإن الجمع فيه رخصة معروفة أيضاً، فعجب بعض الحاضرين من خبره هذا؛ لأن المعهود أن الجمع إنما يكون للمسافر فقط فكيف يروي ابن عباس وهو صادق فيما يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في المدينة بغير عذر من الأعذار المسوغة للجمع.
وهنا يلتقي مع حديث جابر الذي فيه أنه جمع بغير علة، فأجاب جواب ... ابن عباس رضي الله عنه عن الإشكال الذي ورد في بال بعض الحاضرين حين قالوا له: ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، أي: إنما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بدون عذر المطر فضلاً عن أنه كان مقيماً غير مسافر ليسن للناس المقيمين أنه يجوز لهم أن يجمعوا بين الصلاتين في حالة الإقامة ليس على الإطلاق كما يتوهم بعض الناس من هذا الحديث الذي فيه التصريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بغير عذر من الأعذار المعروفة؛ ولذلك جاء السؤال: لماذا ... جمع؟ قال: لكي لا يحرج أمته، هذه الجملة التعليلية الصادرة من راوي الحديث يجب ألا تهدر ويجب أن تبقى متمكناً في بالنا حتى نفهم هذا الحكم فهماً لا إفراط ولا تفريط.