أما الإفراط والمبالغة فهو أن يترخص الإنسان وهو مقيم فيجمع من باب الرخصة فقط وليس من باب رفع الحرج، هذا تطبيع لواجب المحافظة على الأوقات كما قال تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣].
أما التفريط وهو إضاعة هذا الحكم فهو من الذين يقولون: أن الجمع لا يجوز إلا في حالة السفر، وهذا حديث صحيح قد جمع الرسول عليه السلام في حالة الإقامة لكن هذا الجمع ليس على الإطلاق وليس رخصة كما هو الشأن بالنسبة للمسافر وإنما لعلة رفع الحرج، فكل من تعرض للوقوع في الحرج إذا ما أراد أن يحافظ على أداء صلاة الظهر مثلاً في وقتها وصلاة العصر في وقتها ... الحرج مرفوع بنص القرآن الكريم حيث قال رب العالمين:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] فحينما توجد هذه العلة فهناك جواز الجمع بين الصلاتين للمقيم، أما ليس هناك حرج وإنما هو التشهي والترخص كما هو الشأن في السفر هذا لا يجوز في حالة الإقامة.
إذاً: هذا الحديث يعطينا أن الجمع في حالة الإقامة تارة يجوز وتارة لا يجوز، الوقت الذي يجوز فيه هو لرفع الحرج والوقت الذي لا يجوز فيه هذا الجمع فهو إذا لم يكن هناك حرج في المحافظة على الصلوات في أوقاتها.
مداخلة: ... أمثلة للحرج.
الشيخ: أمثلة للحرج هذه ممكن أن نقدم بعضها ولكنها تختلف من شخص إلى آخر، مثلاً: إنسان يجب أن يسافر من بلده إلى بلد آخر في السيارة مثلاً وهو يعلم عادةً أن هذه السيارة تسافر ما بين الصلاتين الظهر والعصر، ثم لا تقف بحيث يتمكن من أن يصلي الصلاة المشروعة بوضوء وقيام وركوع وسجود فله أن يصلي الظهر في بلده قبل أن يركب السيارة وأن يجمع إلى صلاة الظهر صلاة العصر جمع تقديم وهو مقيم، هذه صورة.
وأكثر من هذه الصورة مما يتعرض لها بعض المسلمين من كان مكلفاً بأداء الوظيفة كمثلاً ... قائم على حراسة من وقت إلى وقت لا يستطيع أن يفلت الحراسة