الشاهد الغائب»، حتى قال عليه الصلاة والسلام:«بلِّغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».
«بلغوا عني ولو آية»، هذه اللفظة ينبغي أن لا تُفْهم بمعنى الآية الاصطلاحي، أي: آية من آيات القرآن الكريم، ليس هذا هو المقصود، المقصود هنا جملة «بلغوا عني ولو جملة»، هذا المعنى عربي أولاً، وفقهي ثانياً؛ لأنه يشمل الجملة من القرآن ومن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام.
فليس المقصود بهذا الحديث الحض على تبليغ آية من القرآن فقط بل ولو جملة من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا توجيه عملي للرسول عليه الصلاة والسلام إلى الفكرة والعقيدة التي قدمها إلى أمته في أحاديث عديدة التي منها قوله عليه الصلاة والسلام:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي».
فكما ينبغي للمسلم أن يبلغ الناس كتاب الله فكذلك ينبغي للمسلم أن يبلغ الناس حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن كلًّا منهما من الكتاب والحديث متمم للآخر، وهذا ما أشار إليه ربنا عز وجل في قوله:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤].
فالشاهد أن العالم الإسلامي منذ عهد الصحابة الذين أدركهم التابعون، وهؤلاء التابعون الذين لم يدركوا الرسول يعيشون على أساس هذا المنهج، وهو «صلوا كما رأيتموني أصلي» إن كنتم أصحاباً رأيتموني فكما شاهدتموني وإن كنتم أتباعاً من بعدهم فكما نقل إليكم من شاهدني؛ ولذلك أكد هذا عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع حينما قال:«خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا» ماذا؟
مداخلة:«لا ألقاكم».
الشيخ:«لا ألقاكم بعد عامي هذا أبداً»، فإذاً هو حض أصحابه على أن يتلقوا العلم مباشرة منه من جهة ومن جهة أخرى أمرهم أن يبلغوا ما أخذوا عنه إلى