الناس وبخاصة أنه قال عليه السلام:«رُب مبلِّغ أوعى له من سامع»، ولذلك كان من فضل الله عز وجل على عباده المؤمنين الذين جاؤوا بعد أصحاب النبي الكريم أن وُجِدَ فيهم من صَدَقَ عليه هذا الشطر من الحديث الذي أشرت إليه:«رب مبلغ أوعى له من سامع».
وأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يعدون بالألوف المؤلفة لكن العلماء منهم يعني ما استطاع أهل العلم بعد البحث والفحص أن يرفعوا عددهم إلى ثلاثمائة، العلماء منهم، فنفهم من هذا أن عامة الصحابة ما كانوا من أهل العلم الذين يجوز لهم أن ينتصبوا أو يُنَصِّبوا أنفسهم لإفتاء الناس بما يقع لهم بل عامة الصحابة كانوا من الشطر الثاني الذي أخبر عنه ربنا عز وجل في الآية المعروفة:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] أكثر الصحابة الذين كانوا يُعَدُّون بالألوف المؤلفة هم كانوا من القسم الذين لا يعلمون، وتشملهم الآية هذه التي تأمرهم أن يسألوا أهل العلم منهم وأهل العلم منهم ما بلغوا ثلاثمائة عالم، لكن ما شاء الله، العلماء الذين جاؤوا في التابعين فمن بعدهم بلغوا الألوف المؤلفة، تأكيداً ومصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام:«فرب مبلغ أوعى له من سامع»، ولقوله الآخر:«أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره»، هذا الحديث وذاك من البشائر التي خلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنته وفي أحاديثه حتى يستمر دولاب العلم دائراً ومنطلقاً إلى يوم يرسل الله عز وجل تلك الريح الطيبة فتقبض روح كل مؤمن ولا يبقى على الأرض إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة.
فإذاً: من الجهل بل وجهالة المكان أن يخاطب من يتقدم ليؤم الناس فيقول: هل أنت رأيت الرسول؟ وبالاستفهام الاستنكاري وبحالة شديدة من الغضب جداً، لأن هذا يدل على جهل عميق.
كل من جاء بعد الصحابة كما قلنا آنفاً ما رأوا الرسول.
إذاً: هم لا يعرفون كيف يصلون، لا يعرفون كيف يتعبدون كل العبادات، يعرَّفون والحمد لله بالطريق الذي ألهم الله به طائفة من علماء المسلمين ألا وهم