الشيخ: هذا طبعاً، لكن الحقيقة أن كل وقت من أوقات الصلوات الخمس ينقسم إلى وقت فضيلة ووقت جواز وربما بعض هذه المواقيت يكون فيه القسم الثالث وهو وقت الضرورة، مثلاً: وقت صلاة العصر في أولها هذا هو الوقت الأفضل فإذا أخرت نصف ساعة أو ساعة فهذا وقت الجواز، فإذا أخرت إلى ما قبل غروب الشمس فهذا وقت الضرورة، الظهر ليس فيه إلا وقتين: وقت الأفضلية ووقت الجواز، فلو أن رجلاً صلى الظهر قبل العصر بدقائق أو سلم من هنا وأذن العصر من هنا يكون قد صلى الظهر في وقتها ويكون غير مخالف للآية السابقة:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣].
فهؤلاء الذين قالوا بالجمع الصوري حرصهم على أداء الصلوات في أوقاتها هو الذي حَمَلهم على تفسير الجمع الوارد في الأحاديث الصحيحة بهذا الجمع الصوري الشكلي، وأنكروا الجمع الحقيقي، كان يمكن أن يقال بأن مثل هذا التأويل للجمع إلى الجمع الصوري هم معذورون فيه لولا شيئان يقفان في طريق هذا الجمع:
الشيء الأول: بالنسبة لما سموه بالجمع الصوري وهو تأخير وقت الأولى إلى قبيل وقت الأخرى .. يقضي عليه حديث في «صحيح مسلم» من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر بين الظهر والعصر أخر الظهر إلى أول وقت صلاة العصر» هذا أبطل الجمع الصوري، هذا جمع حقيقي؛ لأنه أخر صلاة الظهر إلى أن دخل وقت العصر لكن ما أخر كثيراً صلى الظهر في أول وقت العصر، فهذا أول ما يرد على القائلين بالجمع الصوري، فهذا التأويل يبقى حينئذٍ باطلاً لا يجوز الأخذ به؛ لأنه يخالف حديث أنس الصحيح.
والشيء الآخر وهو مهم جداً يرد عليهم: أن هناك جمعاً يسمى بجمع التقديم، وهذا لا يمكن تأويله بالجمع الصوري؛ لأن هذا معناه عكس حديث أنس بمعنى: أن الرسول عليه السلام صلى الظهر في وقت الظهر ثم قدم العصر إلى وقت الظهر