فجمع بينهما في وقت الظهر فهذا اسمه جمع تقديم فأين يبقى القول بالجمع الصوري؟ لا شك أن من بلغته هذه النصوص لا يجوز له أن يعطل هذه النصوص من أجل قول: قيل، من قائل هو معذور وقف على الأحاديث الأولى .. جمع بين الظهر والعصر ليس فيه تفصيل الجمع .. هل هو تأخير وقت الأولى إلى وقت الأخرى كما ذكرنا في حديث أنس أو هو جمع تأخير فهم معذورون، أما بعد أن يقف عليها طالب العلم فضلاً عن العالم فلا يجوز له إلا أن يقول بالجمع الحقيقي، هذا فيما يتعلق بالجمع في السفر.
وأنا أذكر جيداً بفضل الله أن السؤال الجمع في الحضر، الجمع في الحضر ثبت في السنة وفي عمل أهل المدينة الذين ورثوا السنن العملية من أصحاب الرسول عليه السلام وأتباعهم أنهم كانوا يجمعون بسبب نزول المطر، والجمع بسبب نزول المطر لا يمكن أن يتصور أنه جمع صوري، لا يمكن هذا .. لا يتصور أن يكون جمع تأخير أبداً، وإنما هو جمع تقديم في السبق.
كنا نتكلم عن الجمع الصوري والحقيقي والمذاهب وخلاصة ما مضى: أن الأحناف يقولون بالجمع الصوري في السفر وبالجمع الحقيقي في عرفة وفي مزدلفة، وذكرنا أن ذهابهم إلى القول بالجمع الصوري في السفر يبطله أحاديث صحيحة بعضها ينص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جمع بين الظهر والعصر أخر صلاة الظهر إلى أول صلاة العصر ووصل بنا الحديث إلى أنه أيضاً يبطل قولهم بالجمع الصوري في السفر أنه ثبت أيضاً عند الحاكم وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم فجمع التقديم كما قلنا آنفاً لا يمكن تأويله بالجمع الصوري.
ثم وصل بنا الحديث إلى الجمع في حالة الإقامة فمعلوم أن في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس أنه قال:«جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بغير سفر ولا مطر» قالوا: ماذا أراد بذلك يا أبا العباس - أبو العباس كنية عبد الله بن عباس - قالوا: ماذا أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما جمع بين الصلاتين في المدينة بغير عذر السفر المعروف وأيضاً عذر المطر؟ قال: