عباس وهو مكي قال:«ما بالنا إذا صلينا في رحالنا قصرنا، وإذا صلينا هنا في المسجد الحرام أتممنا؟ قال: «سنة أبي القاسم».
أي: إذا صلى المسافر في رحله لوحده فواجب عليه أن يصلي قصراً، فإذا اقتدى بالإمام المقيم فعليه أن يتابعه، وهذا الحكم الثاني في هذا الحديث الصحيح في مسلم من تمام قوله عليه الصلاة والسلام:«إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه».
أنت مسافر اقتديت بإمام مقيم، هو لما جلس للتشهد الأول قام أنت سلمت خالفته، وخالفته مخالفاً للسنة الصحيحة التي ذكرناها لكم آنفاً عن ابن عباس.
مداخلة: علموا أنهم يجب عليهم أن يتموا صلاتهم، هل الآن يعيدوا الصلاة؟
الشيخ: قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نُقَعّد قاعدة، وأن نضع أصلاً يمشي إخواننا جميعاً عليه .. هؤلاء الذين قصروا وقد اقتدوا بمقيم، إما أن يكونوا مجتهدين وإما أن يكونوا مقلّدين، فإذا كانوا مجتهدين وصلوا قصراً، وطبعاً كلكم أظن يفهم أن المقصود من قولي مجتهدين يعني علماء، واجتهدوا فصلاتهم صحيحة، لماذا؟ لأن الرسول كان يقول:«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد».
ثم هذا المجتهد لا يُكَلَّف بإعادة عبادته التي صلاها مجتهداً، كما جاء في الحديث الصحيح أن رجلين مسافرين في عهد الرسول عليه السلام حضرتهم الصلاة ولم يجدا الماء، فتيمما وصليا، ثم وجدا الماء فأحدهما أعاد الصلاة والآخر لم يعد، ولما رجعوا إلى الرسول عليه السلام وقصوا عليه القصة قال للذي لم يعد:«أصبت السنة» وللذي أعاد: «لك أجرك مرتين».
هنا في سؤال امتحان، ولسنا ممتحنين، تُرى أيهما الموفق الذي قال له الرسول عليه السلام «أصبت السنة» أم الذي قال له «لك أجرك مرتين»؟ الذي يتبادر لأذهان كثير من الناس، أن الثاني هو الأفضل.
يترتب من وراء هذا الجواب لو كان صحيحاً، أن هذين الرجلين لو وقعا مرة