هكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». رواه البخاري. وقد أجاب أبو حنيفة رضي الله عنه حين سئل عن عدم أخذه بالرفع بقوله:«لأنه لم يصح فيه حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» في حكاية معروفة جرت بينه وبين أحد المحدثين ذكرها الحنفية في كتبهم، فهذا القول من قبل الإمام أبي حنيفة رحمه الله لا يمكن أن يقوله لو أنه وقف على هذه الطرق التي أشرنا إليها، فهذا أكبر دليل على أن الخلاف في هذه المسألة ليس سببه عدم وجود أو ثبوت النص، بل السبب هو عدم وصوله إلى الإمام من طريق صحيح كما عبر عن ذلك الإمام أبو حنيفة نفسه رحمه الله تعالى.
وهذا مثال واحد من أمثلة كثيرة معروفة عند المشتغلين بالسنة.
أقول: فكما أن الاختلاف في هذه المسألة وحدها لا يدل على عدم ورود نص ثابت فيها، فكذلك الاختلاف في عدد ركعات التراويح لا يدل على عدم ورود نص ثابت فيه، لأن الواقع أن النص وارد ثابت فيه فلا يجوز أن يرد النص بسبب الخلاف بل الواجب أن يزال الخلاف بالرجوع إلى النص عملا بقول الله تبارك تعالى:«فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما»
وقوله:«فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا».
الشبهة الثانية:«لا مانع من الزيادة على النص ما لم ينه عنها». وقد يقول قائل آخر: سلمنا أنه ثبت النص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى التراويح إحدى عشرة ركعة فقط وأنه ثبت ضعف الخبر الذي فيه أن صلاها عشرين ولكن لا نرى مانعا من الزيادة عليه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنها.
قلت: الأصل في العبادات أنها لا تثبت إلا بتوقيف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا الأصل متفق عليه بين العلماء ولا نتصور مسلما عالما يخالف فيه، ولولا هذا الأصل لجاز لأي مسلم أن يزيد في عدد ركعات السنن بل والفرائض الثابت عددها بفعله - صلى الله عليه وسلم - واستمراره عليه بزعم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن الزيادة عليها وهذا بين ظاهر البطلان فلا ضرورة لأن نطيل