مع هذا فلم يكفر ولم يضلل من خالف هذه السنة اجتهادا بل لما صلى وراء من يرى الإتمام أتم معه.
فروى السراج بسند صحيح عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدرا من أمارته ركعتين، ثم أن عثمان صلى بمنى أربعا، فكان ابن عمر اذا صلى معهم صلى أربعا، واذا صلى وحده صلى ركعتين. وروى البخاري نحوه عن ابن مسعود وفيه أنه لما بلغه إتمام عثمان استرجع. فتأمل كيف أن ابن عمر لم يحمله اعتقاده بخطأ من يخالف السنة الثابتة بالإتمام في السفر على أن يضلله أو يبدعه بل إنه صلى وراءه لأنه يعلم أن عثمان رضي الله عنهـ لم يتم اتباعا للهوى - معاذ الله - بل ذلك يجب عن اجتهاد منه، وهذا هو السبيل الوسط الذي نرى من الواجب على المسلمين أن يتخذوه لهم طريقا لحل الخلافات القائمة بينهم أن يجهر كل منهم بما يراه هو الصواب الموافق للكتاب والسنة شريطة أن لا يضلل ولا يبدع من لم ير ذلك لشبهة عرضت له، لأنه هو الطريق الوحيد الذي به تتحقق وحدة المسلمين وتتوحد كلمتهم ويبقى الحق فيه ظاهرا جليا غير منطمس المعالم، ولهذا نرى أيضا أن تفرق المسلمين في صلاتهم وراء أئمة متعددين: هذا حنفي وهذا شافعي .... مما يخالف ما كان عليه سلفنا الصالح من الاجتماع في الصلاة وراء إمام واحد وعدم التفرق وراء أئمة متعددين. هذا هو موقفنا في المسائل الخلافية بين المسلمين الجهر بالحق بالتي هي أحسن وعدم تضليل من يخالفنا لشبهة لا لهوى.
وهذا هو الذي جرينا عليه منذ أن هدانا الله لاتباع السنة وذلك من نحو عشرين سنة، ونتمنى مثل هذا الموقف لأولئك المتسرعين في تضليل المسلمين الذين من مذهبهم قولهم:«إذا سئل عن مذهبنا؟ قلنا: صواب يحتمل الخطأ، وإذا سئلنا عن مذهب غيرنا؟ قلنا خطأ يحتمل الصواب» ومن مذهبهم القول بكراهة الصلاة وراء المخالف في المذهب أو بطلانها، ولذلك تفرقوا في المسجد الواحد كما سبق، وخاصة في جماعة الوتر في رمضان لظن بعضهم أن الوتر لا يصح إذا فصل الإمام بين شفعه ووتره مع أنه هو الأفضل الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في الفصل السابع. وذلك هو موقفنا وما أظن عاقلا ينازعنا فيه، فمن نسب إلينا غير ذلك فقد