للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرين فوجب إذن - من هذه الجهة أيضا - الرجوع إلى العدد الوارد في السنة الصحيحة والتزامه وعدم الزيادة عليه مع حض الناس على إطالة القراءة وأذكار الأركان فيها قدر الطاقة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح رضي الله عنهم.

وأعتقد أن هذا الواقع سيحمل من شاء الله من الفكرين المصلحين على أن يتبنوا رأينا بضرورة الرجوع في صلاة التراويح إلى سنته - صلى الله عليه وسلم - كما وكيفا، فقد فعلوا مثله في مسألة أخرى هي أهم من هذه من حيث نتائجها وأثرها في المجتمع وفي ظهور مخالفتها لعمر رضي الله عنه ألا وهي اعتبار الطلاق الواقع من الرجل بلفظ ثلاث طلاقا واحدا وقد كانوا إلى زمن قريب يعتبرونه ثلاثا «لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره» وعمدتهم في ذلك إطباق كتب المذاهب الأربعة عليه تبعا لرأي عمر رضي الله عنه فيه مع علمه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجعله طلقة واحدة، فإذا بهم اليوم يدعون رأي عمر هذا مع ثبوته عنه لما رأوا أن هذا الرأي قد عاد على الناس في هذا العصر بخلاف ما رمى إليه عمر رضي الله عنه من الإصلاح فرجعوا إلى السنة لأنه تبين لهم - بعد لأي - أن الإصلاح المنشود لا يتحقق إلا بها، ومن العجائب أن الكثيرين منهم كانوا إلى عهد قريب يعادون ابن تيمية رحمه الله أشد العداء ويطعنون فيه أشد الطعن لإفتائه بهذه السنة وتركه لرأي عمر واجتهاده المخالف لها وينسبونه بسبب ذلك إلى الخروج عن الجماعة، فإذا بهم اليوم يقضون بما كانوا بالأمس به يكفرون، ذلك لأنهم لا يعرفون الرجوع إلى السنة والعمل بها لأنه هو الواجب شرعا، بل إنما يرجعون إليها تحت تأثير الحوادث والتجارب ومراعاة للمصالح، فعسى أن يتبنوا الرجوع إلى سنته - صلى الله عليه وسلم - في صلاة التراويح للنص القرآني، فإن الله تبارك وتعالى يقول في نبيه - صلى الله عليه وسلم - وسننه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ويقول: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ

وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}.

[صلاة التراويح ص ٦٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>