فكما أنه لا يجوز أن تصلي ركعتي الفجر ركعة، كذلك لا يجوز أن تُصَلِّيهما ثلاثاً أو أربعاً، فالزائد أخو الناقص.
هذا مثال في النافلة، ذكرته لكي لا يسبق إلى ذهن أحد السامعين أن البحث السابق خاص بالفرائض، فيقول بعضهم: هذا في الفرض، وقد قيل هذا مِرَاراً وتكراراً، أما النافلة فالأمر فيها واسع، وينزع بعضهم في هذه المسألة إلى قوله عليه الصلاة والسلام:«الصلاة خير موضوع، فمن شاء فليستكثر» لكن هذا محله فيما سيأتي البحث فيه في العبادات المطلقة، أما في العبادة المُقَيَّدة سواء كانت فريضة أو كانت نافلة، فها أنتم الآن أمام فرض الفجر وسنة الفجر، فكما أنه لا يجوز الزيادة على فرض الفجر، كذلك لا يجوز الزيادة على سنة الفجر.
والدليل مثابرة الرسول عليه السلام على هاتين الصلاتين ركعتين ركعتين، فالتفريق إذاً: في موضوع الزيادة بين النافلة والفريضة، تفريق مخالف للشرع.
ولعله من المفيد، ومن باب رمي عصفورين بحجر واحد، وعندنا صيادين، أن نقول: يدخل في هذا الموضوع تماماً صلاة قيام الليل، وبخاصة صلاة القيام في رمضان، حيث أنكم تسمعون كثيراً خلافاً طويلاً، فناس يقولون: السنة إحدى عشرة ركعة، وناس يقولون: لا، ثلاثة وعشرين ركعة، وناس في بلاد أخرى يوصلوها ربما إلى فوق الثلاثين، خاصة في الحرم المكي، يصلوا صلاتين، فترى صلاة القيام في كل الأيام وبخاصة في ليالي رمضان ...... هل هي من النافلة المطلقة، أم من النافلة المقيدة كما ضربنا مثلاً آنفاً في سنة الفجر القَبْلِيّة؟
الجواب: هو نفس الجواب الذي قلناه عن سنة الفجر، ونفس الدليل.
كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استمر طيلة حياته يصلي سنة الفجر ركعتين كذلك استمر طيلة حياته لا أقول يصلي إحدى عشرة ركعة؛ لأنه سيأتي شيء يختلف سنة القيام عن سنة الوتر، وإنما أقول: استمر النبي - صلى الله عليه وسلم - طيلة حياته المباركة لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، والدليل الذي نزعنا إليه وتمسكنا به، في عدم شرعية أو جواز الزيادة على ركعتي سنة الفجر، هو نفس هذا الدليل ينسحب على عدم جواز الزيادة على