للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى عشرة ركعة في القيام في كل هذه، وبخاصة منها في رمضان.

قلت: لم أقل في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استمر يصلي طيلة حياته إحدى عشرة ركعة، لأنني لو قلت ذلك، لم يجز لنا أن نصلي الوتر إلا إحدى عشرة ركعة، كما قلنا في ركعتي سنة الفجر، هل يجوز نصلي الركعتين ركعة؟

الجواب: لا، فلو أننا قلنا: إن الرسول عليه السلام استمر يصلي الوتر إحدى عشرة ركعة، لوجدنا مشكلة مع أنفسنا قبل أن نوجدها مع غيرنا، ما قلت هذا؛ لأني متذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصل به الأمر إلى أن يصلي أولاً صلاة الوتر إلى سبع ركعات، وفي بعض الروايات ثلاث، ولكن يبدو أن هذه الثلاث هي بعد الأربع.

فإذاً: يجوز لنا أن ننقص من إحدى عشرة إلى أقل حتى مما صلى الرسول عليه السلام من السبع؛ لأنه قال: «الوتر ركعة»، وقال في الحديث: «الوتر ركعة من آخر الليل» وقال في الحديث الآخر: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الفجر فليُوتر بركعة، فإنها تُوتر له ما قد صلى» يُضَاف إلى ذلك أنه ثبت عن بعض السلف أنه صلى الوتر ركعة، أحدهما شاهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه صلى الوتر ركعة، فقيل لابن عباس: إن فلان ما صلى الوتر إلا ركعة، قال: ما حاد عن السنة، أي: أن الوتر أَقَلُّه ركعة، ثم أنت تزيد إلى أن تصل إلى أكثر عدد صَلَّاه الرسول عليه السلام، ألا وهو إحدى عشرة ركعة.

هذا هو الكلام فيما كان من العبادات فرضاً أو نافلة، من العبادات المُقَيَّدة، التي قيدها الرسول عليه السلام بفعله كما ذكرنا، وبقوله من باب أولى.

أما زيادة الخير خير حينما تكون صحيحة، فذلك يكون في العبادات المطلقة، التي جاءت في السنة مطلقة قولاً وفعلاً، أو قولاً دون فعل، ولكن جرى عمل السلف الصالح على هذا الإطلاق.

أما إذا جاءت العبادة مطلقة، أو البيان القولي مطلقاً من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ثبت تقييده من فعل السلف أيضاً، لا يجوز الأخذ في ذاك النص المطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>