للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أتورع أن أقول: فرض من الفرائض؛ لأننا ذكرنا مُقَدَّماً أنه لا فرق بين قولنا هذا فرض أو هذا واجب.

إذا كان الأمر كذلك: فهل يتنافى القول بوجوب تحية المسجد مع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك الأعرابي، أو لذاك الرجل: لا إلا أن تطوع؟

الجواب: لا تنافي؛ لأن المقصود بقوله -عليه السلام-: «إلا أن تطوع» مع الصلوات الخمس، كما هو الشأن بالنسبة للسنن الرواتب العشر ركعات، فكلما صلى المسلم فريضة من الفرائض، فَيُسَن في حقه أن يصلي ركعتين.

أما التحية فهي لا تلزم كل مصلٍ، يصلي صلاة من الصلوات الخمس؛ لأنه قد لا يصلي في المسجد، قد لا يدخل المسجد.

أي: إذا وُجِد السبب المقتضي للتحية صلاهما ولا بد، ألا وهو دخول المسجد.

كذلك لا ينافي قوله -عليه السلام-: «إلا أن تطوع» القول وهو الراجح عند العلماء، بوجوب صلاة العيدين؛ لأن هاتين الصلاتين ليستا من الصلوات الخمس، التي تَتَكرر بدخول كل يوم، وإنما هما صلاتان مرتان في السنة، صلاة عيد الفطر، وصلاة عيد الأضحى.

كذلك يقال: وعلى ذلك فقس، هل يُنَافي ما سبق من حديث الأعرابي، القول بوجوب صلاة الكسوف أو صلاة الخسوف، لا ينافي ذلك، لماذا؟ لأنها تصلى لأمر عارض وهو كسوف الشمس، وقد أمر بذلك -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المُتَّفق عليه بين الشيخين، كما جاء عن ابن عباس وعن السيدة عائشة وعن جَمْع كثير من الصحابة، أن الشمس كسفت يوم وفاة إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال الناس، أو بعض الناس بناءً على عادتهم في الجاهلية: «ما كسفت الشمس إلا لموت إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام» فخطبهم - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم: «يا أيها الناس، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فَصَلُّوا وتَصَدَّقوا وادعوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>