للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أمر -عليه الصلاة والسلام- بصلاة الكسوف لهذه الظاهرة الإلهية، فلا ينافي القول بوجوبها، كما صَرَّح بذلك بعض أئمة الحديث، وأذكر منهم «أبا عوانة» في مسنده المعروف بـ «صحيح أبي عوانة» وهو المستخرج على صحيح مسلم فقال فيه: باب وجوب صلاة الكسوف.

لا يُنَافي -أيضاً- القول بوجوب هذه الصلاة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلا أن تطوع»؛ لما ذكرته أكثر من مرة، أن المقصود «إلا أن تطوع مع هذه الصلوات الخمس» فذلك لا ينافي أن يكون من المفروض شيء آخر، بمناسبةٍ تعرض للمسلم وليست هي في الأصل مفروضة عليه.

لعل هذا من المناسب -أيضاً-، والشيء بالشيء يُذْكَر، قد جاء في الحديث الصحيح أنه لا تصلى فريضة في يوم مرتين، ولا يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العشاء مرتين، هذا هو الأصل، ولو صلى مَرّة ثانية يكون قد تحدى وشاقّ الله ورسوله في قوله هذا -عليه الصلاة والسلام-:

ألا يوجد هناك نصوص كثيرة، ليس نصاً واحداً، فيه الأمر بإعادة الصلاة التي كان قد صلاها المسلم؟ الجواب: نعم، وقلت والشيء بالشيء يذكر:

نحن الآن على أبواب الحج، على أبواب أداء فريضة الحج، وقد جاء «في موطأ مالك» وفي بعض السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الفجر في مسجد الخيف ... ولما سلم، وجد رجلين يُوحي وضعهما بأنهما لما يكونا من المصلين مع جماعة المسلمين، فناداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لهما: «أولستما مسلمين؟ »، قالا: بلى يا رسول الله، قال: «فما منعكما أن تصليا معنا؟ » قالا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا، فقال -عليه الصلاة والسلام-: إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أتى مسجد الجماعة، فوجدهم يصلون، فليُصَلِّ معهم؛ فإنها تكون له نافلة.

إذاً: هذا أمر بأن يعيدا تلك الصلاة، أو يعيدا تلك الصلاة التي كانوا صلياها في رحالهما، لماذا؟

لأن انفرادهما في المسجد عن جماعة المسلمين يُشْعِر الجماعة بأن هؤلاء ليسوا منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>