من حسناتهم شيء؟ ! قال: لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك.
وهنا لا بد لي من وقفة لنأخذ من هذه الحادثة عبرة، ولعل إخواننا طلاب العلم يستعينون بها: إن أبا موسى الأشعري يقول لابن مسعود: أنا ما أنكرت عليهم وإن كانوا موضعًا للإنكار؛ لأني لا أتقدم بين يديك في الإنكار فأنت أعلم مني .. انتظار أمرك أو انتظار رأيك، اليوم في كثير من المجالس التي يكون فيها عالم بل طالب علم قوي يوجه إليه سؤال فتجد غير المسؤول من الآخرين يبادر بالجواب، هذه قلة أدب من طلاب العلم، يجب أن يعرف بعضهم قدر بعض أولًا، وبالأولى ثانيًا: أن يعرفوا آداب المجالس مع أهل العلم والفضل فلا ينبغي لهم أن يتقدموا بين أيديهم للإجابة على سؤال وجه إليهم، فهذا أبو موسى يقول وقد رأى شيئًا أنكره وابن مسعود ليس بين يديه .. ليس معه، لكنه مستحضر في ذهنه وفي خاطره أن هناك قريبًا منا من هو أعلم منا، ولذلك فهو اقتصر لأن ينقل الصورة التي أنكرها إلى من هو أعلم منه، فلما قال له ابن مسعود: أفلا أنكرت عليهم .. أفلا أمرتهم أن يعدو من سيئاتهم شيء؟ قال: لا، ليس لي أن أتقدم في الإنكار وأنت موجود، لا لم أفعل ذلك انتظار أمرك أو انتظار رأيك، هذه [عبرة] فأرجو أن تتذكروها وأن تتأدبوا بهذا الأدب الصحابي الكبير.
تمام القصة: لما سمع ابن مسعود من أبي موسى ما سمع عاد إلى داره، فخرج متلثمًا لا يعرف، وانطلق إلى المسجد حتى وقف على الحلقات التي وصفت له، بعد ذلك كشف القناع عن وجهه وقال: ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن - يعني: شغلة بسيطة هينة - حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال: عدو سيئاتكم وأنا الضامن لكم ألا يضيع لكم من الحسنات شيء عند الله تبارك وتعالى، ويحكم ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه - صلى الله عليه وسلم - لا تبل، وهذه آنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده فإنكم لأهدى من أمة محمد أو إنكم متمسكون بزمام ضلالة، طبعًا! الأولى مستحيلة فإنكم لأهدى من أمة محمد هذا مستحيل، إذًا لم تبق إلا الأخرى أو إنكم متمسكون بزمام ضلالة، قالوا: يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير