للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يصيبه .. حكمة بالغة: وكم من مريد للخير لا يصيبه، إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حدثنا: «إن أقوامًا يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» قال، شاهد هذه القصة: فلقد رأينا أولئك الأقوام أصحاب الحلقات يقاتلوننا يوم النهروان، أي: إنهم صاروا من الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب فقاتلهم حتى استأصل شأفتهم فلم يبق منهم إلا أفراد قليلون هم أصل الخوارج فيما بعد.

الشاهد: أن ابن مسعود رضي الله عنه من علماء الصحابة وفقهائهم الكبار أولًا، ثم كان له دقة نظر في إنكار البدعة، وقد سمعتم ما قال في بعضها آنفًا، فكيف يتصور أن يأتي إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما علمه التشهد وكفه بين كفي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كان من جملة ما قال: السلام عليك أيها النبي إلى آخره، يستحيل لمثل هذا الصحابي الجليل أن يرفع كاف الخطاب في السلام عليك ويغير فيقول: السلام على النبي من عند نفسه، وهو يأخذ على أصحابه الحرف الواحد، لهذا وذاك يستحيل، فكيف وهو لم يقل: فلما مات النبي قلت: السلام على النبي، وإنما قال: فلما مات النبي قلنا: السلام على النبي، فإذًا: هذا ليس اجتهادًا منه وتصرفًا منه حتى يقال إنه أخطأ، ليس من السهل أبدًا تخطئة مثل هذا الصحابي وفي هذه النقطة بالذات؛ لأنها تتعلق بمبدأ له في محاربة تغيير الأذكار والأوراد والزيادة فيها، فكيف وقد عنى غيره أيضًا من أصحاب الرسول عليه السلام فقال: فلما مات قلنا: السلام على النبي.

ثم جاء ما يؤيد هذا التعليل، قلنا: السلام على النبي، فروى عبد الرزاق في مصنفه بإسناده الصحيح عن طاووس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - - أشك الآن: طاووس أو عطاء، وعلى كل حال فكلاهما ثقة - أن النبي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقولون والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي، إذًا: لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد أن ابن مسعود غير هذا الخطاب من عند نفسه، وبالأولى والأحرى ألا يتبادر إلى ذهن أحد أن الصحابة اتفقوا على تغيير هذا الخطاب من كاف الخطاب إلى [خطاب الغائب] وإنما كان ذلك بتوقيف من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم، أي: إن النبي عليه الصلاة والسلام كان قد ألمح إليهم أن هذا التعبير هو في حياته، أما بعد وفاته فيكون: السلام على النبي، لذلك فنحن تبعًا لكثير من أئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>