للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد سبيلًا إلا أن يتوضأ؛ لأن الصلاة لا تصح، فيمكن أن يكون هذا الذي وقع لعثمان بن عفان، ثم أقل ما يقال: إن ما يتعلق بعثمان من كونه اغتسل أو لم يغتسل أمر مطوي عندنا، لا نستطيع أن نقطع بجواب، بأنه كان اغتسل أو لم يكن اغتسل، ولذلك فليس في ذلك دليل لأحد الفريقين إطلاقًا، لكن الدليل الواضح كما ترون هو في إنكار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عثمان ما بدر لعمر من قول عثمان أنه ما كان منه إلا أن سمع الأذان وتوضأ فأنكر عليه اقتصاره على الوضوء وهو يعلم كما يعلم عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى الجمعة فليغتسل».

وهنا شيء لا بد من التنبيه قبل إنهاء الجواب، وهو أن غسل الجمعة ليس شرطًا من شروط صحة الصلاة وإنما هو أدب واجب من آداب من أتى الجمعة، ومعنى هذا: أن رجلًا إذا صلى الجمعة بعد أن توضأ ولم يكن فعلًا قد اغتسل فصلاته صحيحة، كل ما في الأمر أنه قصر في تنفيذ ذلك الأمر النبوي الكريم: «من أتى الجمعة فليغتسل» وعلى هذا فالحديث الآخر الذي فيه: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعم، ومن اغتسل فالغسل أفضل» يؤكد صحة صلاة الجمعة وأن الغسل أفضل من الاقتصار على الوضوء، وهذا كما شرحناه لكم لا ينفي أبدًا وجوب غسل الجمعة، كما تدل عليه تلك الأحاديث الصحيحة.

وفي نهاية المطاف أذكر من الناحية الحديثية: إن الأحاديث من القسم متفق عليها ما بين البخاري ومسلم فهي صحيحة اتفاقًا، بينما الحديث الآخر ما استطعنا أن نجد له إسنادًا صحيحًا وكل ما في الأمر أننا رفعنا من ضعفه إلى مرتب الصحة بمجموع الطرق، فإذا ضاق الأمر بباحث ما للتوفيق بين القسم الأول من أحاديث وقسم الآخر حينذاك رجع إلى الترجيح بينها، ولا شك ولا ريب أن القسم الأول هي أرجح بكثير من القسم الآخر لما ذكرناه أولًا من أنها أحاديث عديدة وثانيًا أنها جاءت في الصحيحة من الأحاديث التي جاءت في البخاري ومسلم بخلاف الحديث الأخير.

مداخلة: إذا سألت حول حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ فبها ونعمت» ... هل

<<  <  ج: ص:  >  >>