الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمدح من يترك واجبًا فيقول له:«فبها ونعمت»؟ !
الشيخ: لكن هو لا يقتصر، لو قال: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعم وفقط، يرد السؤال، أما وقد أتم ذلك بقوله:«ومن اغتسل فالغسل أفضل» فحينئذ لا يرد السؤال، ينبغي لك ألا تأخذ الجواب بما يفسح الطريق لإشكالك وسؤالك، أنا جوابي لم يكن مقتصرًا فقط على أن الحديث هذا يدل على الفضيلة فقط، قد بينت أنه من الممكن أن يكون هذا في الدور الأول، لما جاء حديث:«لو أنكم اغتسلتم يوم الجمعة» فلو أنكم اغتسلتم يوم الجمعة يساوي في الدلالة على فضيلة غسل الجمعة كظاهر هذا الحديث: «ومن اغتسل فالغسل أفضل» لكن الأمر هل وقف أمر الرسول عليه السلام على الحض فقط الذي ينافي الاستحباب وينافي الوجوب في غسل الجمعة، أم أكد ذلك فيما بعد بأحاديث عديدة من القسم الأول؟ الجواب: نعم.
ولذلك فنهاية المطاف أن الأحاديث التي تؤكد وجوب غسل الجمعة من الناحية الفقهية هي أرجح كما هي كذلك من الناحية الحديثية وذكرنا آنفًا.
وسؤالك هذا يذكرني بضرورة تنبيهكم إلى أصل من أصول علم الفقه الذي يساعد طالب العلم على فهم الأحكام الشرعية وبخاصة حينما تتعارض لديه الأحاديث النبوية، من هذه القواعد الأصولية أنه يؤخذ دائمًا وأبدًا بالزائد من الأحكام الشرعية، مثلًا: إذا جاء دليل يدل على جواز أمر ما، ثم جاء دليل يدل على فضيلة واستحباب هذا الأمر، فلا نبقى على ما دل عليه الدليل الأول من الجواز فقط بل نضم إليه ما دل عليه الدليل الآخر من الاستحباب؛ ذلك لأن الاستحباب لا ينافي الجواز.
كذلك مما يدخل في القاعدة السابقة أنه إذا جاء حديث يبيح شيئًا، وجاء حديث آخر يحرمه، وليس عندنا علم بتاريخ تقدم أحد النصين على الآخر، فبأي المفهومين يؤخذ أبما دل عليه الحديث المبيح أم بما دل عليه الحديث المحرم؟ الجواب: إذا تعارض حاظر ومبيح قدم الحاظر على المبيح، مفهوم هذا الكلام؟ نعم،