فقلت: يا رسول الله إني - والله - لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه لقد أوتيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب لترضى به عني ليوشك أن الله عز وجل يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك» فقمت فمضيت.
وترجم له بـ:«الرخصة في الجلوس في المسجد والخروج منه بغير صلاة».
ولكن الحديث كالذي قبله ليس صريحا في أنه جلس بدون صلاة أو أنه كان بعد أمره عليه الصلاة والسلام بالتحية بل هو يحتمل خلاف ذلك وليس فيه ما يدفع هذا الاحتمال وإذ قد طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال والله أعلم.
ولذلك قال الشوكاني بعد أن فند كل ما احتجوا به:
«فإذا عرفت هذا لاح لك أن الظاهر ما قاله أهل الظاهر من الوجوب».
وسبقه إلى اختيار الوجوب الأمير الصنعاني في «سبل السلام» قال:
«لكثرة الأوامر الواردة به».
قلت: ويؤيد ذلك ما يأتي من أمره عليه الصلاة والسلام وهو على المنبر يخطب يوم الجمعة سليكا الغطفاني بهذه الصلاة ثم أمر بذلك كل من يدخل المسجد ولو كان الإمام يخطب فهذا من أقوى الأدلة على وجوبها لأمور:
الأول قطعه عليه الصلاة والسلام الخطبة.
الثاني: أمره بها بعد أن جلس سليك.
الثالث - وهو أقواها -: انه أمر بها في أثناء الخطبة فإنه من المعلوم أنه في هذه