للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «فلا يقربنا ولا يصلين معنا». قال الحافظ:

«وقد ألحقها بعضهم بالقياس والتمسك بهذا العموم أولى ونظيره قوله: «وليقعد في بيته».

الثاني: إلحاق كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها بالثوم وقد نقله النووي عن العلماء وقال:

«قال القاضي: ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشأ قال: وقال ابن المرابط: ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة».

قلت: وفيما قاله ابن المرابط نظر بين لأن المذكورين ليست الرائحة منهم بكسبهم ولا باختيارهم فلا يصح إلحاقهم بالأولين فإنهم مختارون في ذلك في طوقهم الابتعاد عنها إذا شاؤا ولذلك قال ابن المنير في «الحاشية»:

«ألحق بعض أصحابنا المجذوم وغيره بأكل الثوم في المنع من دخول المسجد». قال:

«وفيه نظر لأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع والمجذوم علته سماوية».

قلت: فهو بذلك معذور فلا يمنع من الدخول ويؤيده أن المغيرة بن شعبة حين وجد عليه الصلاة والسلام منه رائحة الثوم أنكر عليه فلما أبدى له عذره - وهو أنه إنما أكله من الجوع - عذره كما سبق في الحديث السابع فالمجذوم ونحوه يعذر من باب أولى (١). وقال الحافظ:

«وألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة وزاد بعضهم فألحق أصحاب الصنائع كالسماك والعاهات كالمجذوم ومن يؤذي الناس بلسانه. وأشار


(١) إلا أنه قد يقال: إنه يجوز منع المجذوم لا لعلة الرائحة بل لأن داءه يعدي فيضر المصلي وهو مأمور بالابتعاد عنه بقوله عليه الصلاة والسلام: «فر من المجذوم فرارك من الأسد». ولما كان تطبيق هذا الأمر يستلزم ابتعاد المصلين جميعا أو بعضهم عن المسجد وتعطيل صلاة الجماعة أو تقليلها ولا يخفى ما في ذلك من المخالفة ولذلك يقتضي أن يمنع المجذوم من هذه الوجهة ويلحق به كل من به داء معد. والله أعلم. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>