الجهل أو الرياء والسمعة وأن يقال: إنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني أو إنه من أهل الصف الأول مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته نعوذ بالله. وهب أن هذا المتوطن لم يقصد ذلك فلا أقل أنه يفقد لذة العبادة بكثرة الإلف والحرص على هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه وقد ورد النهي عن ذلك».
قلت: ثم ذكر الحديث ثم قال:
«وفي «شرح الإقناع»: يكره لغير الإمام مداومة موضع منه لا يصلي إلا فيه». ثم قال:
«في أغلب المساجد الكبيرة جماعة يلازمون منها ما وراء الإمام من قبالة المحراب فيأتون المسجد قبل الصلاة ويأخذون مصافهم وأمكنتهم المعينة لأن كل واحد منهم له مكان من تلك البقعة معين لا يحيد عنه غالبا فقد يتفق أن يأتي من الناس من يظن وجود فرجة هناك أو يأمل أن يفسح له فإن كان الآتي من ذوي الوجاهة في علم أومنصب اغتفروا له وإن كان من طبقة غيرهما فمنهم من يلصق في مكانه ولا يتفسح وإن كان المكان قابلا المتفسح، ومنهم من إذا أحس بقدومه يتربع ليأخذ قدر الفراغ المظنون ويضيق عليه فإذا أقيمت الصلاة ودخل أحد فإن كان في المكان فيه اتساع بعد الإقامة تسامحوا في هجومه، وإن لم يكن فيه اتساع كاف إلا أنه يمكن لهم أن يتسفحوا فهناك لا تسل عن غرائبهم، فمنهم من يترك مكانه ويذهب للصف الثاني حردا وقد ملئ غيظا وغضبا، ومنهم من يشير له بالرجوع ويقول: ما ثم مكان ومنهم من يلغط ويتأفف ويحوقل ويخاصم همسا وقد يكمل لغطه بعد الصلاة إذ يكون قدر في نفسه وهو في الصلاة ما يقرعه به ويوبخه على فعله، وقد يتفق أن يأتي أحد يلازم معهم جديدا فقد يسبق أحدهم إلى مكانه ويجلس فيه فإذا قدم هذا الملازم القديم ورأى مكانه أخذ فتارة يحرد إلى آخر الصف ويلحظ مكانه بطرف خفي متأسفا ومتغيظا على هذا الذي اغتصب مكانه وقد لا يسعه الصبر فتراه يجاهر ويقول له: «يا أخي لسنا أولاد البارحة واليوم في هذا الجامع نحن من أربعين سنة نصلي في هذا المكان فأين الذوق؟ » فتأمل ما يأتي به هؤلا الجهلة وتأمل