وغيره. ومنهم من صرح باستبعاد الوجه المذكور كالسندي رحمه الله في «حاشيته» على النسائي والشيخ علي القاري في «المرقاة» ونص كلامه في ذلك قال:
«والمعنى الثاني لا يصح هنا لأنه لا يمكن أن يكون مشبها به. وأيضا لو كان أريد هذا المعنى لما اختص النهي بالمكان في المسجد فلما ذكر دل على أن المراد هو الأول. قال ابن حجر: وحكمته أن ذلك يؤدي إلى الشهرة والرياء والسمعة والتقيد بالعادات والحظوظ والشهوات وكل هذه آفات وآفات فيتعين البعد عما أدى إليها ما أمكن».
وظاهر النهي يفيد تحريم هذه الثلاث المذكورات في الحديث وفي النهي عن الأوليين أحاديث أخرى يأتي ذكرها في مواطنها إن شاء الله تعالى.
وقد قال ابن الهمام:
«في «النهاية» عن الحلواني أنه ذكر في الصوم عن أصحابنا: يكره أن يتخذ في المسجد مكانا معينا فيه لأن العبادة تصير له طبعا فيه وتثقل في غيره والعبادة إذا صارت طبعا فسبيلها الترك وكذا كره صوم الأبد ا. هـ.
فكيف من اتخذه لغرض آخر فاسد».
والكراهة إذا أطلقت عند علمائنا فهي للتحريم وهذا هو الحق في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
قال الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله في «إصلاح المساجد»:
«يهوى بعض ملازمي الجماعات مكانا مخصوصا أو ناحية من المسجد إما وراء الإمام أو جانب المنبر أو أمامه أو طرف حائطه اليمين أو الشمال أو الصفة المرتفعة في آخره بحيث لا يلذ له التعبد ولا الإقامة إلا بها وإذا أبصر من سبقه إليها فربما اضطره إلى أن يتنحى له عنها لأنها محتكرة أو يذهب عنها مغضبا أو متحوقلا أو مسترجعا وقد يفاجئ الماكث بها بأنها مقامه من كذا وكذا سنة، وقد يستعين بأشكاله من جهلة المتنسكين على أن يقام منها إلى غير ذلك من ضروب الجهالات التي ابتليت بها أكثر المساجد ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على حدة تنشأ عن