ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعود أنه كره [أن] يبصق عن يمينه وليس في صلاة. وعن معاذ بن جبل قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت. وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى عنه ابنه مطلقا».
قلت: وأثر ابن مسعود أخرجه الطبراني أيضا في «الكبير» ورجاله ثقات كما في «المجمع». وأما حديث عمرو بن حزم:
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزق عن يمينه وعن يساره وبين يده.
فلا يصح بل هو ضعيف جدا فيه الواقدي أخرجه الطبراني في «الكبير» أيضا.
«وإن كان لا بد من البصق فليبصق عن شماله إن كان فارغا من المصلين، وإلا فتحت قدمه اليسرى بشرط أن يمكن دفنه فيه بأن يكون أرضه من رمل أو حصى لا من بلاط أو مفروشا بالبسط، وإلا فليبصق في ثوبه أو نعله لقوله عليه السلام:
«[ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه؟ أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ ] إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا وليبصق عن يساره «زاد في حديث ثان: «إن كان فارغا» أو تحت قدمه [اليسرى] فليدفنه» زاد في حديث ثالث: «فإن لم يجد مبصقا ففي ثوبه أو نعله».
الحديث ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم. [صحيح].
وفي هذه الأحاديث دلالة على تحريم البصاق في المسجد نحو القبلة واليمين لنهيه عليه الصلاة والسلام وتغليظه على من خالف ذلك حتى إنه عزل الإمام الذي فعل ذلك من الإمامة وقال له:«إنك آذيت الله ورسوله» فهو أكبر دليل على التحريم وقد سبق ذكر ما قاله الأئمة في ذلك قريبا.
وفيها دلالة صريحة على جواز البصق فيه نحو اليسار أو تحت القدم اليسرى بشرطه وهو الدفن ففيه رد على النووي حيث قال في «شرحه» على مسلم: «وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وليبزق تحت قدمه وعن يساره» هذا في غير المسجد أما المصلي في المسجد فلا يبزق إلا في ثوبه».