كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أو قول الزور».
وعنه أيضا عن أبي هريرة مرفوعا:
«اجتنبوا السبع الموبقات». قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال:«الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
قال علي بن حزم: فلو كان ههنا كفر ليس شركا لكان ذلك الكفر خارجا عن الكبائر ولكان عقوق الوالدين وشهادة الزور أعظم منه وهذا لا يقوله مسلم فصح أن كل كفر شرك وكل شرك كفر وأنهما اسمان شرعيان أوقعهما الله تعالى على معنى واحد.
وأما حجته بأن المشرك هو من جعل لله شريكا فقط فهي منتقضة عليه من وجهين:
أحدهما: أن النصارى يجعلون لله شريكا يخلق كخلقه وهو يقول: إنهم ليسوا مشركين. وهذا تناقض ظاهر.
والثاني: أن البراهمة والقائلين بأن العالم لم يزل وأن له خالقا واحدا لم يزل والقائلين بنبوة علي بن أبي طالب والمغيرة وبزيغ - كلهم لا يجعلون لله تعالى شريكا وهم عند أبي حنيفة مشركون. وهو تناقض ظاهر.
ووجه ثالث: وهو أنه لم يكن المشرك إلا ما وقع عليه اسم التشريك في اللغة - وهو من جعل الله تعالى شريكا فقط - لوجب أن لا يكون الكفر إلا من كفر بالله تعالى وأنكره جملة لا من أقر به ولم يجحده فيلزم من هذا أن لا يكون الكفار إلا الدهرية فقط وأن لا يكون اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا البراهمة كفارا لأنهم كلهم مقرون بالله تعالى، وهو لا يقول بهذا ولا مسلم على ظهر الأرض، أو كان يجب أن يكون كل من غطى شيئا كافرا فإن الكفر في اللغة: التغطية. فإذ كل