من الفوائد ودفع بعض الشبهات حول بعض الآيات مما قد لا يوجد في كتاب آخر فقال رحمه الله: «وأما قول أبي حنيفة فإنه قال: إن الله تعالى قد فرق بين المشركين وبين سائر الكفار فقال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ}[البينة / ١] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ}[الحج / ١٧] قال: والمشرك هو من جعل لله شريكا لا من لم يجعل له شريكا.
قال ابن حزم: لا حجة له غير ما ذكرنا.
فأما تعلقه بالآيتين فلا حجة له فيهما لأن الله تعالى قال:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان}[الرحمن / ٦٨] والرمان من الفاكهة وقال تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة / ٩٨] وهما من الملائكة وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}[الأحزاب / ٧] وهؤلاء من النبيين.
إلا أنه كان يكون ما احتج به أبو حنيفة حجة إن لم يأت برهان بأن اليهود والنصارى والمجوس والصابئين مشركون لأنه لا يحمل شيء معطوف على شيء إلا أنه غيره حتى يأتي برهان بأنه هو أو بعضه. فنقول وبالله التوفيق:
أن أول مخالف لنص الآيتين أبو حنيفة لأن المجوس عنده مشركون وقد فرق الله تعالى في الذكر بين المجوس وبين المشركين فبطل تعلقه بعطف الله تعالى إحدى الطائفتين على الأخرى.
ثم وجدنا الله تعالى قد قال:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[النساء / ٤٨] فلو كان ههنا كفر ليس شركا لكان مغفورا لمن شاء الله تعالى بخلاف الشرك وهذا لا يقوله مسلم.
ثم روى ابن حزم من طريق مسلم بإسناده إلى ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله ندا وهو خلقك. قال: ثم