هل كان الدافع والباعث على إخراجها إلى حَيِّز الوجود هو تقصير المسلمين في القيام ببعض أحكام الدين أم لا؟ فإن كان الأول لم تكن وسيلة مشروعة، وإن كانت الأخرى فهي جائزة.
الآن: لماذا وُجِدَت هذه المصليات كما تقول؟
لأن كثيراً من النساء يخرجن من بيوتهن غير متجلببات بالجلباب الشرعي، ثم يدخلن المسجد ويُصَلِّين كذلك، وقد تَتَخذ بعضهن من الجلابيب والألبسة حيث إذا دخلت في الصلاة تكون متسترة الستار الشرعي، لكن مع ذلك هذا أيضاً لا يجوز، لكن هذا نتركه الآن جانباً.
الذي حمل الناس على وضع هذه الحُجُب من الجدر، من الأسمنت، يفصل مصلى النساء عن الرجال، هو؛ لكي لا تقع أنظار وأبصار الرجال على النساء، فما هو المحذور من وقوع أبصار الرجال على النساء والحالة هذه؟
نقول: المحذور أن الأبصار أبصار الرجال، ستقع على ما لا يجوز النظر إليه؛ لأن النساء في المصلى لسن متحجبات الحجاب الشرعي، أما لو كُنّ متجلببات الجلباب الشرعي، فوقع بصر الرجال على النساء، وبخاصة في الخلف، فسوف لا يقع بصر الرجال على مُحَرَّم؛ لأن المفروض أن هذه النسوة اللاتي حضرن المسجد هم على صورتين: فضلى وجائزة، الفضلى: أن يكُنّ متجلببات متحجبات لا يظهر منهن شيء إطلاقاً لا الوجه ولا الكفين، أي: إما متنقبات على الطريقة المعروفة قديماً، أو متبرقعات بالبرقع المعروف اليوم، ثم هن متقفزات فلا يظهر منهن شيء، هذا هو الأفضل، والصورة الأخرى أن تكون هذه النسوة لا يظهر منهن شيء أبداً إلا قرص الوجه وإلا الكفين، ثم بالإضافة إلى ذلك يكون لباسهن ليس زينة في نفسه، ولا يُحَجِّم عضواً من أعضائهن.
فحينئذٍ: إذا وقع بصر الرجل على بعضهن فسوف لا يرى محرماً؛ لأن الله عز وجل -وأرجو الانتباه لهذه المسألة؛ لأني أعلم أنني قلما أتعرض لها-؛ حينما قال:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[النور: ٣٠] .. {وَقُلْ