بناء المساجد إلا أن تكن الناس من الحر والقر كما سبق عن عمر رضي الله عنه وزخرفتها ليس من ذلك في شيء ولذلك نهى عنه عمر رضي الله عنه بقوله: وإياك أن تحمر أو تصفر. قال ابن بطال:
«كأن عمر فهم ذلك من رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها وقال: «إنها ألهتني عن صلاتني». قال الحافظ:
«ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة».
ثم ذكر الحديث المتقدم قريبا عن عمر مرفوعا بلفظ:
«ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم».
وقد روى البخاري وأبو داود وأحمد وعنه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه:
أن المسجد كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة «الجص» وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج.
قال الحافظ:
«و «الساج»: نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند وقال ابن بطال وغيره: هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه ثم كان عثمان - والمال في زمانه أكثر - فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه كما سيأتي بعد قليل.
وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة ... وقال