ومما يدلك على أن دعوى كون السلف لم يقع منهم الإنكار على من فعل التزيين به دعوى باطلة في الجملة: ما روى سعيد بن منور: ثنا سفيان عن [ابن] أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال: دخلت مع ابن عمر مسجدا بالجحفة فنظر إلى شرفاته فخرج إلى موضع فصلى فيه ثم قال لصاحب المسجد: إني رأيت في مسجدك هذا - يعني الشرفات - شبهتها بأنصاب الجاهلية فمر أن تكسر».
نقلته من «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» لشيخ الإسلام ابن تيمية».
وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الستة غير إسماعيل هذا وهو ثقة كما في «التقريب».
وفي «المدونة» لابن القاسم:
«قال: سمعت مالكا وذكر مسجد المدينة وما عمل في قبلته من التزويق وغيره قال: كره ذلك الناس حين فعلوه وذلك يشغل الناس في صلاتهم ينظرون إليه فيلهيهم».
من أجل ذلك كره كثير من العلماء الصلاة في المساجد المزخرفة والمزينة فقال المناوي في «الفيض»:
«قالت الشافعية: وتكره الصلاة في مسجد مشرف لما في «سنن البيهقي».
عن ابن عمر: نهانا - أو نهينا - أن نصلي في مسجد مشرف. وأخذ منه كراهتها في المزوق والمنقوش بالأولى لما فيه من شغل قلب المصلي ويحرم نقشه واتخاذ شرفات له من غلة ما وقف على عمارته أو مصالحه».
وبالغ ابن حزم فقال:«ولا تجزئ الصلاة في مسجد أحدث مباهاة أو ضرارا على مسجد آخر إذا كان أهله يسمعون نداء المسجد الأول، ولا حرج عليهم في قصده، والواجب هدمه وهدم كل مسجد أحدث لينفرد فيه الناس كالرهبان أو يقصدها أهل الجهل طلبا لفضلها وليست عندها آثار لنبي من الأنبياء عليهم السلام».