للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نص على كراهة المحاريب في المساجد ابن حزم وقال:

«وروينا عن علي بن أبي طالب أنه كان يكره المحراب في المسجد وعن إبراهيم النخعي (١).

[الثمر المستطاب (١/ ٤٧٢)].


(١) أنه كان يكره أن يصلي في طاق الإمام. قال سفيان الثوري: «ونحن نكرهه». ولذلك قال الشيخ علي القاري في «المرقاة» «١/ ٤٧٣» في شرح حديث أنس: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامة في القبلة»:
«أي جدار المسجد الذي يلي القبلة وليس المراد بها المحراب الذي يسميه الناس قبلة لأن المحاريب من المحدثات بعده صلى الله عليه وسلم ومن ثم كره جمع من السلف اتخاذها والصلاة فيها. قال القضاعي: وأول من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ عامل للوليد بن عبد الملك على المدينة لما أسس مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهدمه وزاد فيه. ويسمى موقف الإمام من المسجد محرابا لأنه أشرف مجالس المسجد ومنه قيل للقصر: محراب لأنه أشرف المنازل وقيل: المحراب مجلس الملك سمي به لانفراده فيه. وكذلك محراب المسجد لانفراد الإمام فيه وقيل: سمي بذلك لأن المصلي يحارب فيه الشيطان»
وأما ما في «عون المعبود على سنن أبي داود»:
«ما قاله القاري من أن المحاريب من المحدثات بعده عليه السلام فيه نظر لأن وجود المحراب في زمنه عليه السلام يثبت من بعض الروايات. أخرج البيهقي في «السنن الكبرى» عن وائل بن حجر قال:
حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهض إلى المسجد فدخل المحراب ثم رفع يديه للتكبير» نقله الشيخ عبد الحي الكتاني في «التراتيب الإدارية» وأقره.
قلت: وهذا تعقب وإقرار لا طائل تحته لأن الحديث المذكور ضعيف جدا لأن البيهقي أخرجه من طريق محمد بن حجر الحضرمي: حدثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن أمه عن وائل به. وهذا سند فيه ثلاثة علل: ضعف بعض رواته والانقطاع والشذوذ في متنه.
أما الأولى فهي محمد بن حجر الحضرمي قال الذهبي في «الميزان»: «له مناكير وقال البخاري: فيه بعض النظر». وأقره الحافظ في «اللسان» ونقل عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: «ليس بالقوي عندهم».

قلت: وشيخه سعيد بن عبد الجبار ضعيف أيضا كما في «التقريب».
وأما الثانية فهي أن عبد الجبار بن وائل لا يعرف أنه سمع من أمه وقد قيل: إنه لم يسمع من أبويه كما في التهذيب.
وأما الثالثة فهي أن حديث وائل رضي الله عنه في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم قد جاء في «صحيح مسلم» والسنن والمسانيد وغيرها من طرق كثيرة بألفاظ مختلفة ليس في شيء منها ذكر المحراب إلا في هذه الرواية الضعيفة فدل على شذوذها. بل نكارتها.
انظر الطرق المشار إليها في البيهقي «٢/ ٢٤ و ٢٥ و ٢٦ و ٢٨ و ٣٠ و ٥٧ و ٥٨ و ٧٢ و ٨١ و ٩٨ و ٩٩ و ١١١ و ١١٢ و ١٣١ و ١٣٢ و ١٧٨».

<<  <  ج: ص:  >  >>