للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعل؟ ولذلك هذا الحديث يُذَكِّرنا بآية في القرآن الكريم قد يسيء فهمها بعض التالين والقارئين للقرآن الكريم، حينما يمرون بقوله تبارك وتعالى في سورة يوسف: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: ٢٤]، فالهَمَّ لا يعني الفعل، وإنما هو من مقدمات الفِعل، فالعلماء يُقَسِّمون ما يخطر في بال المسلم، ثم ما ينتج من وراء ذلك من العمل إلى أقسام:

القسم الأول: الخاطرة، خاطرة تخطر في بال إنسان، سواء كان خيراً أو كان شراً، فإذا قَوِيت هذه الخاطرة وأخذت مكانها من بال الإنسان صار هَمًّا، فإذا قويت وازدادت قوة هذه الخاطرة، ووصلت إلى مرتبة الهَمّ يلي ذلك العزم، وليس بعد العزم إلا الفعل، ولذلك قال تعالى في مسألة الطلاق: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٧]، الشاهد أن العزم هو قبل الفعل ليس بعده إلا الفعل، فلما هَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحريق فهو لم يعزم، لماذا؟ فضلاً عن أنه لم يُنَفِّذ.

الجواب: أن في البيوت كما تعلمون من لا تجب عليه صلاة الجمعة أول ذلك النساء، ثم الصبيان الذين لم يدخلوا في مرتبة التكليف، [وقد] يكون أيضاً في البيوت ناس مكلفين ولكنهم من المعذورين.

ولذلك: فكان من حِكْمَة الرسول عليه السلام أن أوعد ولم يُنَفِّذ، فقد جمع بين تحقيق المصلحة والحض على حضور الجماعة، ودفع المفسدة، وهو عدم تحريق البيوت بمن فيها؛ لأنه لو فعل ذلك لأصاب الحريق من لا يستحق الحرق.

إذاً: في هذا الحديث وعيد شديد لأولئك الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة دون عذر شرعي، وليس هناك من الأعذار ما يُمكن أن يذكر بهذه المناسبة، إلا أن يكون الرجل مريضاً، إلا أن يكون نائماً، وأن يكون نومه أيضاً مشروعاً، وهذا له بحث طويل ولا أريد الآن الخوض فيه؛ خشية أن نَخْرُج عَمَّا نحن في صدده.

فالشاهد: أن الله عز وجل قد امتن على آل هذه المحلة بهذا المسجد، وهو أقول .. وهو أقرب ما يكون إلى السنة، ولا أقول -آسفاً لا أقول- إنه على السنة، فإني أرى فيه بعض الأشياء التي ما كانت تنبغي، ولكني أقول كلمة حَقٍّ: إنه أقرب

<<  <  ج: ص:  >  >>