ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يتخذ له متبوعاً غير رسول الله، كما لا يجوز له بداهة، أن يتخذ له معبوداً غير الله؛ لذلك فإن هناك حكمة بالغة في الجمع بين الشهادتين كركن أول من الأركان الخمسة: أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ولذلك جاء في الحديث المتفق عليه -والمعلوم لديكم جميعاً- قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم عند الله تبارك وتعالى»، حَقُّ هذه الشهادة هو العمل بها على مقتضى ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا كانت هذه حقيقة لا يمكن أن يماري وأن يجادل فيها مسلم، هذه حقيقة تتلخص، أعيد الكلام ليرسخ في الأذهان، هي أن نعبد الله وحده لا شريك له، وأن نتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نتبع معه غيره.
هنا قد يرد سؤال: فما هو موقف المسلم بالنسبة لعلماء المسلمين، وبخاصة من كان منهم مشهوراً بالعلم والصلاح والتقوى، وهم لا أقول الأئمة الأربعة، فإن من فضل الله تبارك وتعالى أن مَنّ على المسلمين على مر الزمان والقرون بمئات بل وبألوف علماء المسلمين.
فما موقف المسلم في هذا الزمان الذي يدعو الناس إلى أن يُوَحِّدوا رسول الله في اتباعه، ما موقف هذا المسلم بالنسبة لعلماء المسلمين؟
نقول: الموقف وجوب اتّباعهم، ماداموا متمسكين ودالين لنا على سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وهنا أُلفت النظر إلى آية في القرآن يجب أن يكون معناها ماثل في الأذهان، ألا وهي قوله تبارك وتعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣].
هذه الآية تجعل الناس عامة المسلمين قسمين: عالم وغير عالم، وعلى كُلٍّ من القسمين أوجب عليه حكماً يليق به، القسم الأكبر هم الذين لا يعلمون، فخاطبهم بقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣].
هذا هو القسم الأكبر من المسلمين أنهم ليسوا بعلماء، فواجبهم أن يسألوا أهل الذكر، وواجب أهل العلم أنهم إذا سُئلوا أن يجيبوا، وهذا قد أخذ منهم العهد في