القرآن الكريم أن يُبَلِّغوا العلم إلى الناس وألَّا يكتموه، وجاءت السنة تُؤكِّد ذلك تمام التأكيد، من ذلك الحديث المشهور:«من سُئِل عن علم فكتمه، أُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار».
فإذاً: عامة المسلمين واجبهم أن يَسْعَوا لهذا العلم، فإذاً هؤلاء لا غنى لهم إلا أن يرجعوا عند الحاجة وعند الملمات إلى العلماء؛ لأن الله عز وجل أمرهم بذلك:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣].
ولكن أهل العلم ليسوا في المنزلة عندنا كمنزلة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، المعصوم والمبلغ عن الله والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه معصوم، أما العلماء فليسوا كذلك، إنما هم مُبَلِّغون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد يصيب أحدهم وقد يخطئ ولا عصمة لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خلافاً لبعض الفرق التي تَدَّعي العصمة لأهل البيت، فهذا من الانحراف عن الكتاب والسنة، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله لا لعلي ولا لأبي بكر ولا لغيرهم من الصحابة الأجلاء، فضلاً عن العلماء الذين جاؤوا من بعدهم.
وإلى هذه الحقيقة أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الصحيح، قال:«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد».
إذاً: العالم يخطئ ويصيب، أما نبينا فلا يخطئ في الشرع مطلقاً، بل هو معصوم كما ذكرنا آنفاً.
من هنا يجب أن نجعل تَعَصُّبنا في ديننا فقط لرجل واحد ألا وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نتعصب لعالم من علماء المسلمين، وإنما نستعين بهم ونسترشد بهم، ليدلونا على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا شيء، وشيء ثانٍ: قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحقيقة نلمسها الآن في هذا الزمان لمس اليد كما يقال؛ ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً فطوبى للغرباء»، «إن الإسلام بدأ غريباً -أي: كما بدأ- وسيعود غريباً فطوبى للغرباء».
هذا الحديث هكذا في صحيح مسلم، ثم جاء في بعض الروايات الأخرى