ولهذا قال للذي كلف بضم الزيادة إلى المسجد النبوي ما ذكرته لكم آنفاً:«أكِن الناس من الحر والقر، ولا تُحَمّر ولا تُصَفِّر».
هذا يشعرنا بأن عمر كان وَصَلَه شيء من هذا، ولذلك حذر القائم على بنيان هذه الزيادة، وإضافتها إلى المسجد النبوي بقوله له:«أكن الناس من الحر والقر، ولا تحمر ولا تصفر» ذلك لأن المساجد ينبغي أن تكون، ليس فقط فيما يقام فيها من عبادة الله وتوحيده على خلاف الشرك الذي يقع في البيعات والمساجد والكنائس، وإنما حتى في بنيانها، يجب أن تكون مخالفة لبنيان اليهود والنصارى لبيعهم وكنائسهم؛ من أجل ذلك جاء فيما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:«لما رجعت أم سلمة وأم حبيبة من الحبشة، ذكرتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها:«لما رجعت أم سلمة وأم حبيبة من الحبشة» تعني كانتا من المهاجرات من ظلم المشركين في المدينة لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءً ورجالاً قالت:«لما رجعتا من الحبشة ذكرتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتاها في الحبشة، وذكرتا» هنا الشاهد، «وذكرتا من حسن التصوير فيها» فقال عليه الصلاة والسلام: «أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجداً وصَوَّروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى يوم القيامة».
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - اقتباساً منه مما في القرآن، حينما يقص رَبُّنا عز وجل بعض قصص الأولين الغابرين ما يقصها لنا للقصص فقط، وإنما للموعظة والعبرة كما قال:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ}[يوسف: ١١١].
فهو ربنا عز وجل يقص في القرآن الكريم قصص الأولين للعبرة، وليس للتاريخ فقط، وإنما للعبرة.
كذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولاشك أنه هو ينطلق من نفس المشكاة التي ينطلق كلام الله عز وجل، في أن كلامه عليه السلام هو وحي السماء كما في القرآن أيضاً:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}[النجم: ١]{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[النجم: ٢] {وَمَا يَنْطِقُ