{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}[البقرة: ٤٣] في إنشاء حكم جديد وهو: كأن الله عز وجل يقول: وهذا هو مراده يقيناً: أقيموا الصلاة أحسنوا أداءها، ولا تكونون محسنين لأدائها إلا إذا أدّيتموها مع الجماعة في المساجد، وجاءت الأحاديث تترى تؤكد هذا المعنى، بمثل قوله عليه الصلاة والسلام:«من سمع النداء ولم يُجِب، فلا صلاة له إلا من عذر».
ولا يجوز للمسلم أن يتخذ له عذراً أنه والله مشغول، والله هو موظف، والله والله ... إلى آخره من المعاذير، إذا ما قسناها مع ذلك الرجل الذي كان ضريراً وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أنا رجل ضرير كما ترى، وداري شاسعة بعيدة، وليس لي قائد يقودني، انظروا الأعذار كيف تتجمع في هذا الرجل، ومع ذلك لا يجد الرسول له عذراً، قال: أنا ضرير وداري شاسعة بعيدة وفي طريقي الأشجار والأحجار، مش الطريق المعبد المزفت كما يقولون اليوم، في طريق الأشجار والأحجار، ورابعاً: ليس لي قائد يقودني، يأخذ بيدي يقودني، أفتجد لي رخصة في أن أَدَع الصلاة مع الجماعة، قال له عليه السلام في أول الأمر:«نعم، ثم قال له: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب».
أيها الضرير الذي دارك شاسعة، وليس وفي طريقك الأشجار والأحجار، وليس لك من يقودك إلى المسجد، إذا سمعت الأذان فلا عذر لك في عدم الحضور.
فانظروا اليوم المسلمون أكثرهم عُمي أم مُبصرون؟ هم مبصرون، لكنهم عُمِّي، لماذا؟ لأنهم لا يستجيبون لأمر الله ولا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك فلا تعجبوا إذا ما هوجمنا في عقر دارنا يميناً أو شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً إلى آخره.
هذه كلمة حول تلك النصيحة التي خلاصتها: أن الصلاة الإمام يقف في منتصف الصف، ولا يقف يميناً ولا يساراً، وإنما يوازن بين اليمنى واليسرى، لكن إذا حوصر بين المحراب والمنبر فحينئذٍ هو بين مشكلتين: إما أن يجعل القسم اليمين من الصف أقل عدداً، والعكس والأكثر أو يقال له: اعكس تصب يعني: قف عن يسارك بعيد عن المنبر بين دفع المفسدة، والوقوف في المحراب وبين جلب المصلحة