تجدون الآن في كثير من البلاد، ومنها بلدنا هذا قد انتشرت فيه المساجد والحمد لله كثرةً نباهي بها كثيراً من البلاد الأخرى، وليس كمباهاة البانين لها.
لكن هذه الكثرة من هذه المساجد التي تُبْنَى، هل تَوَفَّر فيها شرطا العمل الصالح: أن يكون على السنة، وأن يكون خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى؟
أقول -آسفاً-: أكثر هذه المساجد لم يتوفر فيها لا الشرط الأول ولا الشرط الآخر:
أما الشرط الأول: فأن يكون بناؤه على السنة، هذه السنة التي جمعها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حينما قال للِبَنَّاء الذي كُلِّف ببناء الزيادة التي أضافها عمر إلى المسجد النبوي، قال له:«أكن الناس من الحَر والقَر، ولا تُحَمِّر ولا تُصَفِّر».
فهو أشار إلى أمر إيجابي وإلى أمر آخر سلبي:
أما الأمر الإيجابي الذي من أجله بُنيت المساجد، فذلك قوله:«أكن الناس من الحر والقر» فبناء المساجد لا يُقْصَد بها إلا تحقيق الراحة النفسية للذين يدخلون هذه المساجد يصلون فيها لله تبارك وتعالى تحفظهم، هذه المساجد من الحر والقر.
هذا هو المقصود من بناء المساجد، ليس المقصود زخرفتها، هذه الزخرفة التي أشار إليها عمر الفاروق بكلمته السابقة: ولا تُحَمِّر ولا تُصَفِّر، من أين أخذ عمر هذا؟ هناك أحاديث تعرفونها من مثل قوله عليه الصلاة والسلام:«ما أُمرت بتشييد المساجد» .. «ما أُمرت بتشييد المساجد» التشييد هنا فُسِّر بمعنيين اثنين:
المعنى الأول: هو المبالغة في رفع بنيانها كالقصور، هذا إضاعة للمال، ولا يُحَقِّق المقصود من مما صرح به عمر:«أكن الناس من الحر والقر»
وهذا الحديث لما رواه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله قال:«ما أمرت بتشييد المساجد»
قال: إما اقتباساً واجتهادًا صحيحاً منه، وإما تَلَقّياً منه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بهذا النص أو بقريب من هذا النص، حيث قال بعد أن روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما