للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو حادث وبدعةً لغةً، ولكن قد يكون الأمر الحادث، قد يكون ليس من البدع بل يكون من المصالح المرسلة، وهذه المسألة في الحقيقة تكلمت فيها كثيرًا، تارة مختصرًا وتارة مطولًا، فقلت: لأن كون الشيء مصلحة مرسلة لا يكون كذلك إلا إذا كان الدافع على ذلك، لم يكن أولًا في عهد الرسول عليه السلام، ثم لم يكن الدافع على ذلك هو تقصير المسلمين في القيام ببعض واجباتهم الدينية.

ومن الأمثلة على ذلك عدم شرعية الأذان لصلاة العيدين، وكل إنسان يعلم أنه في إحداث الأذان لصلاة العيدين فيه فائدة للناس لكي يعلموا متى يتوجهوا إلى صلاة العيدين كالأذان للصلوات الخمس، بل لعل العقل المجرد عن الاتباع يقول: أن الأذان لصلاة العيدين أولى من الأذان لصلاة الظهر مثلًا أو العصر؛ لأن وقت صلاة العيد حرج، لكن مع ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسن هذه الأذان، فلو قال قائل: توجد مصلحة من تشريع هذا الأذان قال: الرد على ذلك هو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك.

ولذلك ذكر بعض العلماء المحققين من المتأخرين تقسيمًا جديدًا للسنة، فنحن نعلم أن بعض العلماء يقسمون السنة إلى مؤكدة ومستحبة، سنية عادة وسنية عبادة، فجاءت التقسيم الأخير الجديد من باب آخر، لكنه سليم، فقسموا السنة إلى قسمين: سنة فعلية، وسنة تركية، أي: ما فعله الرسول عليه السلام من العبادات فيسن فعلها، وما تركه عليه الصلاة والسلام من العبادات فيسن تركها، والمثال هو عدم فعل الرسول عليه السلام أو تشريعه للأذان في صلاة العيدين .. في صلاة الاستسقاء .. في الكسوف والخسوف إلى آخره.

فإذا جئنا إلى الخط، ما الذي يحمل الناس اليوم إلى مد الخط في المساجد سواء كان خيطًا كما هو الشأن في الأردن وفي سوريا، أو كان مطبوعًا كما هو الشأن في البسط التي نراها اليوم عندكم في بعض المساجد، هذه قد يقال: فيها مصلحة لتسوية الصف، لكن سبب اتخاذ هذا الخط في اعتقادي تقصير العلماء من جهة،

<<  <  ج: ص:  >  >>