ومما يدلك على ضعف هذه الزيادة بل بطلانها: أن في حديث شهر نفسه أن أبا سعيد أنكر عليه الذهاب إلى الطور واحتج عليه بهذا الحديث فلو كان فيه هذه الزيادة التي تخص معناه بالمساجد دون سائر المواضع الفاضلة لما جاز لأبي سعيد - وهو العربي الصميم - أن يحتج به لأن شهرا لم يقصد الذهاب إلا إلى الطور وليس هو مسجدا وإنما هو جبل مقدس كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام فلا يشمله الحديث لو كانت فيه الزيادة فإنكاره الذهاب إليه أكبر دليل على بطلان نسبتها إلى حديثه ودليل أيضا على أن الحديث على عمومه وأنه يشمل الأماكن الفاضلة لأنه الذي فهمه أبو سعيد وكذا فهم منه عبد الله بن عمر وأبو بصرة الغفاري ووافقه أبو هريرة فكلهم أنكروا الذهاب إلى الطور محتجين بالحديث كما تقدم في تخريج أحاديثهم. فهؤلاء أربعة من الصحابة - لا مخالف لهم منهم - قد فهموا ذلك وهم أعلم بما سمعوه منه - صلى الله عليه وسلم - وأدرى بما يقول.
ثم إن النظر يحكم بصحة عموم الحديث لأنه إذا كان منع من السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة مع العلم بأن العبادة في كل المساجد أفضل منها في غير المساجد وغير البيوت وقد قال عليه الصلاة والسلام:
«أحب البقاع إلى الله المساجد» كما مر، وكان منع أيضا من السفر إلى الطور الذي سماه الله تعالى بالوادي المقدس فالمنع من السفر إلى غيرها أولى لا سيما إذا كان المكان المقصود قبور أنبياء وصالحين فإنه حرم بناء المساجد عليها كما مضى فكيف يسمح بالذهاب إليها ولم يسمح بالسفر إلى المساجد المبنية على تقوى الله؟ وهذا - بحمد الله - بين لا يخفى.
وأما الجوابان الآخران اللذان حكاهما الحافظ فهما ضعيفان أيضا وإليك البيان:
أما الجواب الأول فالحديث وإن كان بلفظ النفي فهو بمعنى النهي كما حكاه