للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرُّها أَوَّلها».

ففي هذا الحديث حض النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء على أن يتأخرن عن الرجال مهما وسعهم الأمر، واتسعت بهن أرض المسجد، فإذا ما تعدت النساء صفوفهن وتقدمن إلى صفوف الرجال، وكما قيل قديماً: اختلط الحابل بالنابل، حينئذٍ المسؤولية إنما تقع على المعتدي، فإذا كان المعتدي إنما هي المرأة كما هو الغالب، فالإثم عليها، وإذا كان المعتدي هو الرجل بمعنى هو الذي خالط صف النساء أو صفوفهن، فيكون الإثم عليه.

أما الصلاة ففي كُلٍّ من الحالتين، أي: سواء كان المعتدي المرأة أو الرجل، فالصلاة صحيحة؛ لأنه لا يوجد في السنة فضلاً عن الكتاب، بل ولا في الآثار السلفية التي نستنير بها في فهم الكتاب والسنة كما نذكر دائماً وأبداً، لا يوجد في شيء من ذلك ما يدل على بطلان صلاة من حاذى المرأة أو من حاذته المرأة، لا شيء من ذلك سوى مخالفة نظام تسوية الصفوف، هذا النظام الذي سمعتموه آنفاً في حديث: «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها».

هذه المخالفة تستلزم الإثم والمعصية، ولا تستلزم بطلان الصلاة؛ لأن البطلان حكم مُسْتَقل لا بد له من دليل خاص، وهذا فيما علمنا مما لا وجود له، نقول هذا ذاكرين أن هناك في بعض المذاهب المعروفة اليوم، من مذاهب أهل السنة أن المرأة إذا وقفت حتى لو كانت هي المعتدية، لو حاذت الرجل بطلت صلاة الرجل، لكن هذا إنما هو الرأي ولا دليل عليه في الشرع.

فحسبنا إذاً: أن نُذَكِّر الرجال والنساء معاً، أن لا يقعن في الإثم، وفي مخالفة حديث الرسول عليه السلام، وبخاصة وهم جميعاً قد خرجن للحج إلى بيت الله الحرام، هذا الحج الذي لا يستفيد منه إلا من التزم أحكام الشرع.

كما قال تعالى في القرآن الكريم: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، وقال عليه الصلاة والسلام بياناً لمن التزم هذا النهج القرآني: «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ»، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>