للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الصلاة والسلام مُبَيِّناً فضيلة هذا الذي يلتزم هذا النهج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

فالمقصود من كل الحجاج رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، إذا قصدوا الحج أن يكون غايتهم من وراء ذلك أن يعودوا إلى بلادهم كما ولدتهم أمهاتهم، أتقياء أنقياء من كل الذنوب والآثام، لا أن يعود أحدهم إلى بلده مفتخراً بأنه حج إلى بيت الله الحرام، واكتسب لقب الحاج، فصار الناس ينادونه بالحاج فلان، إن من يبتغي الحصول بسبب الحج على هذا اللقب، فهذا يُخْشَى عليه أن يعود من حجته بخفي حنين، أو كما قال ذلك الأعرابي لزميله يوم رجع من حجه: وما حججت ولكن حَجّت الإبل.

فالمقصود من الحج أن يعود المسلم تقياً نقياً كما ذكرنا، وليس متشرفاً بلقب الحاج، فهذا مما يبطل العمل؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]. نعم.

أما السترة: فقضية السترة أصبحت اليوم نسياً منسيا في بلاد الإسلام كلها إلا القليل جداً منها، أما في المسجد الحرام فقد كسيت ثوباً لا يليق بها؛ لأن هذا الثوب قضى على شرعيتها، لقد جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث عِدَّة فيها الأمر باتخاذ المصلي السترة في أيِّ مكان كان على الإطلاق، سواء كان في الصحراء أو كان في البنيان، أو كان في مسجد أو في مسجد جامع، ولو كان المسجد الحرام، فقد جاءت أولاً الأحاديث مطلقة أو عامة، يقول عليه الصلاة والسلام في بعضها: «إذا صلى أحدكم؛ فليصل إلى سترة لا يقطع الشيطان عليه صلاته».

آنفاً حينما خرجت من خيمتي إلى الصلاة، رأيت بعضهم يصلي لا إلى سترة، والسترة هي أيَّ عمود، بل لو كان هناك شخص جالس، فيُمكن للمصلي أن يتخذه سترة، يصلي إلى هذا الشخص، فقوله عليه السلام: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة» لماذا؟ يأت الجواب مباشرة؛ خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته، «لا يقطع الشيطان عليه صلاته» أي: خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>