أن أباه استشهد يوم أحد، وترك ست بنات، وترك عليه دينًا «ثلاثين وسقا»، «فاشتد الغرماء في حقوقهم»، فلما حضره جداد النخل، أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يارسول الله قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا، وإني أحب أن يراك الغرماء، قال: اذهب فبيدر كل تمر على حِدَة، ففعلت، ثم دعوت، «فغدا علينا حين أصبح»، فلما نظرو إليه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاثا «ودعا في ثمرها بالبركة»، ثم جلس عليه، ثم قال:
ادع أصحابك، فما زال يكيل لهم، حتى أدى الله أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فسلمت والله البيادر كلها حتى اني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقص تمرة واحدة، «فوافيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغرب، فذكرت ذلك له فضحك، فقال: ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما، فقالا: لقد علمنا إذ صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع أن سيكون ذلك».
الخامس عنه أيضا قال:«كان رسول الله صلى عليه وسلم يقوم فيخطب، فيحمد الله، ويثني عليه بما هو أهل له، ويقول: «من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، وكان إذا ذكر الساعة احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه، كأنه منذر جيش يقول:«صَبَّحّكم ومَسّاكم، من ترك مالا فلورثته، ومن ترك ضياعا أو دينا فعلي، وإلي، وأنا
أولى بالمؤمنين» وفي رواية: «بكل مؤمن من نفسه».
السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل من أمتي دينا، ثم جَهِد في قضائه فمات ولم يقضه فأنا وليه».