للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أربع تكبيرات».

قلت: في هذه الأحاديث دليل من وجوه لاتخفى على أن النجاشي أصحمة كان مسلماً، ويؤيد ذلك أنه جاء النص الصريح عنه بتصديقه بنبوته - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننطلق إلى أرض النجاشي - فذكر القصة وفيها - وقال النجاشي: أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه».

واعلم أن هذا الذي ذكرناه من الصلاة على الغائب «هو الذي لا يتحمل الحديث غيره، ولهذا سبقنا إلى اختيارة ثُلَّة من محققي المذاهب، وإليك خلاصة من كلام ابن القيم رحمة الله في هذا الصدد، قال في «زاد المعاد» «١/ ٢٠٥، ٢٠٦»: ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسنته الصلاة على كل ميت غائب، فقد مات خلق كثير من المسلمين وهم غُيَّب، فلم يصل عليهم، وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت، فاختلف في ذلك على ثلاثة طرق:

١ - أن هذا تشريع وسنة للأمة الصلاة على كل غائب وهذا قول الشافعي وأحمد.

٢ - وقال أبو حنيفة ومالك: هذا خاص به، وليس ذلك لغيره.

٣ - وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه، صلي عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي لأنه مات بين الكفار، ولم يصل عليه وإن صلي عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب، لان الفرض سقط بصلاة المسلمين عليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على الغائب وتركه وفعله وتركه سنة.

وهذا له موضع والله أعلم.

والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها هذا التفصيل.

قلت: واختار هذا بعض المحققين من الشافعية فقال الخطابي في «معالم السنن»

<<  <  ج: ص:  >  >>