للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه]، [ومشى - صلى الله عليه وسلم - معه فقام على قبره حتى فرغ منه]، ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: ٨٤]، [قال: «فما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله»، قال -: فعجبت بعد من من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ] والله ورسوله أعلم.

وعن المسيب بن حزن رضي الله عنه قال: «لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله ابن أبي أمية، والمغيرة» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عم إنك أعظم الناس علي حقا، وأحسنهم عندي يدا».

ولأنت أعظم علي حقا من والدي، ف [لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيد [ان] (١) له تلك المقالة، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ (٢) [قال: لولا أن تعيرني قريش - يقولون: إن ما حمله على ذلك الجزع - لأقررت بها عينك! «فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» «فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون، فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣]، وأنزل الله في أبي طالب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦]! ! أخرجه البخاري «٣/ ١٧٣ - ٧/ ١٥٤ - ٨/ ٢٧٤، ٤١٠، ٤١١» ومسلم والنسائي «١/ ٢٨٦» وأحمد «٥/ ٤٣٣» وابن جرير في تفسيره «١١/ ٢٧» والسياق له وكذا مسلم، والزيادة الثانية له في بعض الأصول


(١) أي أبو جهل وابن أبى أمية. [منه].
(٢) في هذا الحديث أن سبب نزول الآية غير السبب المذكور في الحديث الذي قبله، ولا تعارض بينهما لجواز تعدد سبب النزول كما وقع ذلك في غير آية، وقد أيد هذا الحافظ في «الفتح» «٨/ ٤١٢».

<<  <  ج: ص:  >  >>