للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخراف (١) صدقة عليها».

الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم».

الرابع: عن عبد الله بن عمرو: «أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، قال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، وإن هشاما أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك، «وفي رواية»: فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك».

قال الشوكاني في «نيل الاوطار» «٤/ ٧٩»: «وأحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى «وأن ليس للانسان إلا ما سعى».

ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الانسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص، وأما من غير الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها، حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها».

قلت: وهذا هو الحق الذي تقتضيه القواعد العلمية، أن الآية على عمومها وأن ثواب الصدقة وغيرها يصل من الولد إلى الوالد لأنه من سعيه بخلاف غير الولد، لكن قد نقل النووي وغيره الإجماع على أن الصدقة تقع عن الميت ويصله ثوابها، هكذا قالوا «الميت» فأطلقوه ولم يقيدوه بالوالد، فإن صح هذا الإجماع كان مخصصا للعمومات التي أشار إليها الشوكاني فيما يتعلق بالصدقة، ويظل ما عداها داخلا في


(١) أي المثمر، سمي بذلك لما يخرف منه أي يجي من الثمرة. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>