للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما كسب هو لنفسه.

ومن هذه الاية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا ايماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الاقيسة والآراء» وقال العز بن عبد السلام في «الفتاوى» «٢٤/ ٢ - عام ١٦٩٢»: «ومن فعل طاعة الله تعالى، ثم أهدى ثوابها إلى حي أو ميت، لم ينتقل ثوابها إليه، إذ «لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى»، فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه، إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة والصوم والحج».

وما ذكره ابن كثير عن الشافعي رحمه الله تعالى هو قول أكثر العلماء وجماعة من، الحنفية كما نقله الزبيدي في «شرح الاحياء» «١٠/ ٣٦٩» (١).

الثالث: أن هذا القياس لو كان صحيحا، لكان من مقتضاه استحباب إهداء الثواب إلى الموتى ولو كان كذلك لفعله السلف، لأنهم أحرص على الثواب منا بلا ريب، ولم يفعلوا ذلك كما سبق في كلام ابن كثير، فدل هذا على أن القياس المذكور غير صحيح، وهو المراد.

وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في «الاختيارات العلمية» «ص ٥٤»: «ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا، أو قروؤا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل».


(١) قلت: ومما سبق تعلم بطلان الإجماع الذي ذكره ابن قدامة في «المغني» «٢/ ٥٦٩» على وصول ثواب القراءة إلى الموتى، وكيف لا يكون باطلا، وفي مقدمة المخالفين الامام الشافعي رحمه الله تعالى. وهذا مثال آخر من أمثلة ما ادعي فيه الإجماع وهو غير صحيح، وقد سبق التنبيه على هذا قريبا. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>