للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - ويستدبر القبلة (١)، كما صار ذلك ممكنا بعد دخولها في المسجد بعد الصحابة، فالمسلم منهم إن استقبل القبلة صارت الحجرة عن يساره، وإن استقبلوا الحجرة، كانت القبلة عن يمينهم وجهة الغرب من خلفهم، قال شيخ الاسلام في «الجواب الباهر» «ص ١٤» بعد أن ذكر هذا المعنى: وحينئذ فإن كانوا يستتقبلونه ويستدبرون الغرب فقول الاكثرين أرجح، وإن كانوا يستقبلون القبلة حينئذ ويجعلون الحجرة عن يسارهم فقول أبي حنيفة أرجح» قلت: لقد ترك الشيخ رحمه الله المسألة معلقة، فلم يبت في أنهم كانوا يستقبلونها، أو يستقبلون القبر وكأن ذلك لعدم وجود رواية ثابتة عنهم في ذلك، ولكن لو فرض أنهم كانوا يستقبلونه، فقد علمت أنهم في هذه الحالة كانوا يستدبرون الغرب لا القبلة، لعدم إمكان ذلك في زمانهم، وسبق أن الاكثرين يقولون باستقبال وجهه - صلى الله عليه وسلم - أيضا عند السلام عليه، وهذا يستلزم استدبار القبلة.

الأمر الذي نقطع أنه لم يقع في عهد الصحابة كما سلف، فهذا أمر زائد على استقبال الحجرة، ولا بد له من دليل لإثباته، فهل له من وجود؟ ذلك مما لا أعرفه، ولا رأيت أحدا من العلماء تعرض لهذا، سواء في خصوص قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو في القبور عامة.

نعم، استدل بعضهم على ذلك بحديث ابن عباس قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن على الاثر».

أخرجه الترمذي «٢/ ١٥٦» والضياء في «المختارة» «٥٨/ ١٩٢ / ١» من طريق الطبراني

وقال الترمذي: «حسن غريب».


(١) وأما ما رواه اسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -» «رقم ١٠١ بتحقيقي وطبع المكتب الاسلامي» عن ابن عمر «أنه كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع، يده على قبره ويستدبر القبلة ثم يسلم عليه» فضعيف منكر كما بينه في التعليق عليه. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>